الخميس، 12 أكتوبر 2017

تقرير مصير

أقرت الحركة الشعبية (الحلو) في مؤتمرها الاستثنائي مبدأ تقرير المصير لجبال النوبة، هو ما كان متوقعا بعد الخطوة الانقلابية
التي اتخذها مجلس تحرير جبال في انقلابها على رئاسة عقار وارتداد الخطاب الإثني على الحركة وتسبيبه لتصفيتها بالانشقاق، وأسرف المجلس في الاستقطاب القبلي في تزامن مع كشف استقالة الحلو التي حملت نفس مضامين مجلس التحرير وموقفها من رئاسة عقار.
تقرير مصير الجبال بداية لهزيمة الحلو في ميدان صراع قطبي الحركة الشعبية على السيطرة على مشروع التمرد وتاريخ الشعبية، وستفقد شعبية الحلو المكونات الأخرى خارج نطاق الإقليم والعرق التي ستنحاز إلى تيار عقار الذي يتبنى تكتيك الحل الشامل والبحث عن دولة مواطنة وفقا لادعاءاته ودعايته السياسية، والمؤكد أن نخب وقواعد النوبة داخل الشعبية والأحزاب الاخرى سترفض الاتجاه بالإقليم نحو هاوية تقرير المصير من خلال تمثيل النوبة في تشكيل وبناء الدولة السودانية سياسيا وثقافيا.

تيار الحلو يحاول تكرار تجربة تقرير المصير التي فشلت في استقرار دولتي السودان، فكانت الشعبية أول ضحايا تقرير المصير من خلال الحرب الطاحنة في دولة الجنوب بين تياري سلفاكير ومشار الذي قاد للانهيار الدولة الوليدة، وهنا حرب عقار والحلو، وعلى هذا الفشل يطرح تيار الحلو المبدأ من جديد في إصرار وتأكيد على أن المشروع السياسي للحركة الشعبية يرتكز على تفكيك الدولة السودانية، وهو الذي يؤكده اتجاه مؤتمر شعبية الحلو الاستثنائي، هم شهود وشركاء في مآلات تقرير المصير في استمرار الحرب وفشل مشروع الحركة داخل دولتي السودان في تحقيق السلام والاستقرار .
المتغيرات في السياسة الدولية التي تقاوم مبدأ تقرير مصير إقليمي كردستان العراقي وكاتلونيا الإسباني، ورفض الدولة الأم والمجتمع الدولي لخيارات الإقليم تعد عوامل تقف أمام الحلو في خياراته، ولا أعتقد أن الحكومة ستكرر نفس الخطأ الاستراتيجي بالموافقة على تقرير المصير في اتفاق السلام الشامل 2005، ويمكن الإشارة إلى عوامل أخرى مثل الوضع العسكري والميداني للحركة، والخلافات داخل الحركة .
الاختبار الحقيقي لخيار تقرير المصير الذي أقرته شعبية الحلو رهين بموقفين الأول تحدده أول جولة تفاوض بين الحكومة وتيار الحلو وتحديد ما إن كان خيارا للمناورة السياسية ، أما الموقف الثاني فتحدده اتجاهات مؤتمر تيار عقار في يناير القادم وربما تكون اتجاهاته مختلفة عن تقرير المصير لاعتبارات تبني التيار للقضايا القومية والانفتاح على القوى السياسية، كما أن تيار عقار يعتمد على الكوادر السياسية التي تتبنى مشروعا سياسيا نحو دولة مواطنة وحقوق، وعلى كل فإن تيار الحلو في محاولات للخروج من مأزق الانشقاق والانقلاب يتجه نحو التفكيك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق