الاثنين، 9 أكتوبر 2017

وداعاً .. دولتي الخضراء

لو نظرنا إلى السبب الرئيس الذي تولدت منه اسباب الحظر التجاري ..واستصدار الحكومة الأمريكية في واشنطن لقرارات أممية من الأمم المتحدة في نيويورك ..فإنه هو طريقة بناء سياسات الدولة قبل انهيار الاتحاد السوفيتي تماماً .. 
ولذلك كانت المفاصلة في عام التغيير 1989م والذي يليه أفضل وأنسب من أن تكون في آخر عام 1999م .. في الثاني عشر من ديسمبر عام 1999م .
 كان الضامن وقتها لتفادي تآمر واشنطن من خلال نيويورك على السودان بذريعة محاربة الثورة الإسلامية ..كان الضامن هو العميد حقوقي عثمان أحمد حسن عضو مجلس قيادة الثورة ( الإسلامية ) و رئيس اللجنة السياسية ..
 العميد عثمان قال : إن الصحيح لبناء الدولة السودانية الجديدة الآن هو أن يبتعد اسم و رموز الإسلاميين مثل الترابي من أضواء السلطة .. إلى حين .
اقتراح العميد عثمان رغم دسامته ..كان مرفوضاً تماماً .  لأن الرافضين ما كانوا حينها يتابعون بداية اختلال ميزان القوة الدولية ببداية تراجع الوزن الدولي للاتحاد السوفيتي ..خاصة بعد أن احتاج إلى استيراد القمح من الخارج ..
فقد تزامن تغيير البشير مع أيام سقوط الاتحاد السوفيتي ..وبالتالي انفراد أمريكا وبداخل بطنها اسرائيل بالهيمنة على العالم ..
وانفراد واشنطن بالهيمنة مكنها من محاربة العراق ومنع دخول قوات حماية إلى رواندا ..وقصف مصنع الشفاء ..
نعم واشنطن كانت قد قصفت مسكن القذافي عام1988م ..وقتلت فتاة كان متبنيها .. لكن القذافي كان عدواً لموسكو على المستويين الفكري النظري والدبلوماسي ..كان يتحدث عن النظرية العالمية الثالثة في مسمى ( الكتاب الأخضر ) .
وواشنطن حينما قررت عام 1991م الاعتداء في الحرب
 الثلاثينية على العراق ..اعترضت موسكو .. وعبر شيفرنازدا وزير الخارجية السوفيتي حينها عن رفضه الاعتداء على العراق .. لكن موسكو كانت تضعف و تتراجع ..وتأمل قمح أمريكا بعد أن أكلت مؤامرتها المسمومة بسم التفكك ..
في هذا الوضع الدولي استعجل الإسلاميون الظهور ..ورفعوا الشعارات البراقة  ..وأطلقوا الهتافات المدوية .. واكتشفوا أن العالم أصبح ترقص فيه أمريكا وحدها بإيقاعات اليهود وخمرهم الاستراتيجي ..
 حينها كان العميد عثمان ينعم باستقالته التي سبقت حل مجلس قيادة الثورة .. ومن ظهروا في وقت مبكر من الإسلاميين في مناصب الأضواء انقسموا في يوم الرابع من رمضان الشهير ..
 حتى هذا الانقسام وهذه المفاصلة ..قد خففت وقللت أعباء الضغوط الدولية على الحكومة السودانية ..والأمر كان واضحا ..
 لكن منذ المفاصلة وحتى الآن موعد رفع الحظر التجاري طالت المدة .. ومضت العقوبات باعتبار أن المفاصلة كانت أمرا داخليا ليس محفزا لرفع العقوبات ..
 وفي إطار مساعي السودان لرفع العقوبات ..تحملت الحكومة ابتزازات التمرد بقيادة قرنق .. ووقعت معه على اسوأ اتفاقية في التأريخ ..فهي أسوأ من اتفاقية كامب ديفيد .. وكان أكثر المستفيدين من العقوبات الاقتصادية هي حركة جون قرنق .
 ولو لم تكن العقوبات والتهديدات الامريكية . بل لو كانت حكومة البشير من الأول اهتدت لاقتراح العميد عثمان ..لانهزم التمرد تماما بدون مضمون اتفاقية نيفاشا ..وبدون استئنافه في جبال النوبة والنيل الأزرق ..
 على كلٍ .. فإن السودان ودع الدولة الضراء منذ يوم الرابع من رمضان ليجني ثمار  ذلك على المستويين الداخلي ( كالحريات ) والخارجي  كالانفتاح الدبلوماسي لصالح الاستثمار المجدي ..
 لكن تأخرت ثمرة رفع العقوبات ..لعلها من شجرة بطيئة النمو .. بطيئة جدا .. فمنذ غرسها في الرابع من رمضان .. لم تثمر إلا الآن ..وداعا دولتي الضراء ..و مرحبا دولتي السراء .. وهي بحكومة وفاق وطني .. على الأقل هي خطوة في الطريق إلى تحقيق الدولة السراء .. دولتي السراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق