الأربعاء، 11 أكتوبر 2017

كيف تحول قرار رفع العقوبات إلى عقوبة للمعارضة السودانية؟

لو أن قوى المعارضة السودانية المختلفة كانت بالفعل ترتدي حلة وطنية زاهية لسعدت سعادة شعب وجماهير السودان بالقرار التاريخي الذي صدر عن الإدارة الامريكية برفع العقوبات الاقتصادية -أحادية الجانب- عن السودان.
ليست قوى المعارضة في حاجة لمعرفة حيثيات الفرض ولا مبررات الرفع ففي خاتمة المطاف هناك قرار لصالح شعب السودان وهو المجال الحيوي  الذي يفترض أنها تستثمر سياسياً فيه وعليها أن تدعم و ترعى هذا الاستثمار .
ولكن المؤسف في الأمر –وما أكثر ما يؤسف كلما تلعق الأمر  بممارسات المعارضة السودانية– أن هذه القوى إما أنها ناقمة على هذا الرفع ورافضة له اعتقاداً منها انه يصب في صالح خصومها في السلطة و يطيل عمر هؤلاء الخصوم في كرسي الحكم ؛ أو أنها غير متفاعلة مع القرار طالما انه يفرح خصومها الحاكمين ويمنحهم درجة مستحقة في الحنكة الدبلوماسية ومهارة استرداد الحقوق!
والأكثر مدعاة للأسف أن قوى المعارضة السودانية وخاصة على أيام ما كان يعرف بالتجمع الوطني الديمقراطي -في تسعينات القرن الماضي- أسهمت بدرجة ما بوسائل بعضها ظاهر جلي وبعضها خفي ومستتر في دفع القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة لإيقاع عقوبات على السودان تحت مزاعم شتى.
وليس سراً أن قادة المعارضة السودانية في ذلك الوقت اقروا بأنهم كانوا -يتبادلون المعلومات- مع قادة أجهزة المخابرات الأجنبية ويستثمرون بعضها لإيذاء خصومهم في السلطة!
أحد قادة العارضة في ذلك الحين لم يجد حرجاً في الإقرار صراحة أنهم كانوا حينما يذهبون إلى اي بلد يتم إحالتهم إلى قادة أجهزة المخابرات لتتولى التباحث معهم في شئونهم!
وليس بعيداً عن ذلك ما رشح عن ما قيل وقتها (معلومات مضللة) زودت بها إدارة الرئيس الأسبق (بيل كلنتون) دفعتها إلى ضرب العاصمة السودانية الخرطوم بصواريخ كروز عشية الاثنين 29/8/1998م، والتى تم تدمير مصنع دواء عادي (مصنع الشفاء) بالخرطوم بحري !
كل تلك الممارسات مارستها قوى المعارضة السودانية وهي تعتقد أنها تستخدم أسلحة مشروعة في صراعها الشرس آنذاك مع الحكومة السودانية ولذا ليس مستبعد مطلقاً أن تكون هذه العقوبات قد تم فرضها بذات عينة المعلومات الإستخبارية المضللة وذلك لان أحداً لم يفصح حتى الآن من بين كبار المسئولين في واشنطن عن طبيعة الأسباب الموضوعية التى قادت واشنطن لفرض هذه العقوبات في الوقت الذي لم يثبت قط تأذي واشنطن من السودان في أي حادثة من الحوادث ذات الطبيعة الإرهابية.
إذن رفع العقوبات بقرار رئاسي خالي من أي اشتراطات، بعيداً عن أي صفقات وبلا أي تنازلات سيادية من جانب السودان هو في وجهه الآخر بمثابة عقوبة موجهة إلى قوى المعارضة السودانية نتيجة لاستخدامها سلاحاً غير مشروع في صراع سياسي داخلي خسرته تماماً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق