الاثنين، 28 نوفمبر 2016

عصيان إلكتروني

صحيح إن العالم قد تجاوز عصر الآليات القديمة في صناعة الثورات وتحريض الشعوب، فكان اليساريون والإسلاميون في السابق يتبارون في استنساخ وتوزيع (منشورات الرونيو)
على جمهور الثورة!! وفي المقابل قد اتخذ حزب البعث العربي الاشتراكي من حوائط المواطنين ومباني المؤسسات.. سبورة يكتب عليها أجندته وشعاراته، يكتب بالليل ما تمحوه الأجهزة الأمنية بالنهار.
* والآن تدخل الشعوب بامتياز عصر الإعلام المفتوح عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. بحيث يبدو أننا في طريقنا إلى نهاية عصر (الكاتب الأسطورة) الذي ينتظره الجمهور صباح كل يوم لمطالعة ما يكتب.. فالذي يملك أدوات الكتابة والذي لا يملكها سواء.. الذي (ينصب الفاعل ويشنق المفعول).. والذي يرفع وينصب حسب قواعد اللغة.. هم سواء على قروب واحد.. لكل واحد كلمة.. (ولألوان كلمة).. تسمع وتقرأ على الحد السواء.
* وفي أتون هذا الزخم نظمت جهات (حاذقة ومرتبة ومجندة).. عملية (عصيان إلكتروني) افترضت له أمس الأحد أول الأسبوع.. كيوم فارق في صناعة الثورة السودانية.. مستفيدة من حالة تذمر عام للمواطنين على إثر ارتفاع الأسعار وتحرير سلع الأدوية وقبلها المحروقات.
* لو كنت مكان المعارضة لحسبت ألف حساب قبل الدخول في هذه التجربة.. لأن نهايتها وفشلها.. وقد فشلت.. سيسجل ضربة قاضية لمصداقية (النضال الإلكتروني) برمته.. على طريقة (هجم النمر هجم النمر) وفي كل مرة يستيقظ الناس على خطل الفكرة.
* على أن الفشل هذه المرة سيتعدى حالة (العصيان الفاشلة) إلى مقبل المبادرات التي تطرحها المعارضة.. وبين يدينا التجربة المصرية التي اتخذت لها المعارضة موعد (11 نوفمبر) يوماً حاسما.. والذي حدث هو العكس تماماً بعد فشل العملية.. بحيث أرخت حكومة الجنرال عبدالفتاح السيسي لقبضة جديدة من هذا التأريخ.. ومن ثم ضربت في مقتل جدية محاولات الثورة هناك وإلى وقت طويل.
* (العصيان المدني) ثقافة شيوعية يسارية مضى على فعاليتها و(موديلها) الزمن!! والآن ظهرت آليات جديدة وأجيال جديدة وتكتيكات لصناعة الثورات.. فحزبنا الشيوعي الذي يعتقل نفسه وتاريخه في مصطلح (المديريات)!! يحتاج إلى عمليات مواكبة ومراجعة كاملة تحفظ له في المقام الأول عضويته وزخمه.. وهو بالكاد يعيش حالة نزيف جماهيري حادة.. تذكر حالة استقالة الجزولي ومجموعة الأطباء.
* فهنالك وطأة ومكابدة في المعاش!! اللهم نعم.. هناك في المقابل حلول حكومية مرهقة!! اللهم نعم.. هناك محاولة اختطاف وتوظيف لشظف العيش من قبل قبائل اليسار.. اللهم نعم.
* لا أتصور أن الجماهير يمكن أن تستجير (بنار الشيوعيين) من (رمضاء الاسلاميين).. ولاسيما أن معارضة العصيان المدني ذات الماركة الشيوعية لم تقدم حلولا واقعية، وهل بعد العصيان مكتمل الأركان إلا الفوضى والدخول في حالة الفراغ القاتل.
* فضلاً عن أن العقل الباطن للجماهير مشبعاً للآخر بحالات (ثورات اليمن والشام).. التي لا اقتصادا صنعت ولا وطنا أبقت.
* الرأي عندي أن ينضم اليسار إلى ثقافة الحوار ويقدم حلولا فكرية وعملية.. وعلى فعاليتها يقدم نفسه إلى الرأي العام والجمهور، على أن يأتي عبر صناديق الاقتراع خير له ولنا وللوطن ألف مرة.. من أن يأتي محمولا على أسنة رماح الجبهة الثورية.. وليس هذا كل ما هناك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق