الاثنين، 28 نوفمبر 2016

اللاجئ السياسي المتجول!

الذي يحدث الآن لحركة عبد الواحد لم يكن مفاجئاً. كان من الطبيعي والمحتم أن يحدث، وقد ظل الكثير من المراقبين منذ العام 2005، عام انشقاق الحركة في منطقة حسكنيتة حين ذهب مناوي بجزء منها وذهب عبد الواحد بالجزء الاقل، يتنبأون بأن
الحركة لا مستقبل لها.
الآن حركة عبد الواحد وعلى أحسن الفروض لا يتجاوز عدد منسوبيها بضع مئات غالبهم من الذين لم يعد لهم من سبيل سوى الانتظار ريثما تسنح سانحة خروج آمن. وفي غضون الشهرين الماضيين فقدت حركة عبد الواحد الآلاف من منسوبيها تباعاً وعلى نحو مؤلم للغاية فمن جهة أولى فإن عبد الواحد يقيم بالخارج يتنقل ما بين باريس وكمبالا وتل أبيب، لا يستطيع الوصول لأي نقطة تجمع لقواته التى دمرت في جبل مرة.
لا يستطيع الوصول إليهم لأنه يعلم أن البؤس الذي حل بهم وتطاير الشرر من عيون بعضهم أخطر من أن يحتمله أو أن يستطيع مواجهته ومداواته. ومن جهة ثانية فإن الرجل جرى إخطاره رسمياً -بوضح  بغير أدنى مواربة- من قبل الجهات الدولية كانت تدعمه بقوة أنه فقد صلاحيته، فهو غير قادر على الاداء العسكري الجيد في ميدان القتال، وقليل الاهتمام بجنوده، ولا يعبأ كثيراً بمشاكل جنوده وأحوالهم وروحهم المعنوية، فضلاً عن تحاشيه التواجد بين قواته في مواجهتها المريرة، إذ أن (القائد الغائب) عن مسرح المواجهة لا يحظى أبداً باحترام جنوده.
كما أنه غير قابل للتفاوض وهكذا قال احد ابرز المسئولين الأمريكيين بنبرة غاضبة، حين جرت مناقشته حول حركات دارفور في واشنطن مؤخراً. المسئول الأمريكي الغاضب قال إن عبد الواحد لا يملك قدرة تفاوضية يؤبه لها، وأضاف ليس له أفكار! لا يملك أفقاً سياسياً ناضجاً، شديد الاعتداد بنفسه ولكن دون معطيات تمنحه حق ذلك اعتداد!
 مسئول فرنسي عتيق، قال إن أسوأ ما آل اليه حال عبد الواحد انه وقع أسيراً (للملذات الشخصية) على حد تعبيره! الرجل اصبح مدمناً للمخدرات وارتياد الملاهي واصطحاب الجميلات إلى أوكار مظلمة. أما على الأرض وفي ميدان القتال فإن الغبن الذي غاص بعمق في صدور جنوده أن الرجل يرسل توجهاته قاسية باستمرار بإعدام كل من يتحدث عن تفاوض وحلول سلمية!
أحد القادة الميدانيين العائدين حديثاً من حركة عبد الواحد قال إن حوالي (170) عنصراً جرى إعدامهم خارج نطاق المحاكمات وبطرق ووسائل مختلفة لمجرد اعتراضهم على بقاء القوات كهذا بلا حرب ولا سلام. كما أن تمويل الحركة يتم عن طريق السلب والنهب والاعتداء على أموال المواطنين. الرجل قال والدمع يتقطر من عينيه المحمرتين إن وجوه المواطنين البائسة بملامحهم الحزينة ما تزال مرتسمة في مخيلته حين كانوا يهاجمونهم ويأخذون أبقارهم ومحاصيلهم التى بالكاد يقتاتون عليها!
قصص تراجيدية شديدة الإيلام رُويت عن ممارسات حركة عبد الواحد في جبل مرة كل ذلك كان قميناً بأن يقضي على الرجل ويجعله مجرد رجل قاسي القلب، قليل الخبرة، قليل الدربة السياسية، غائب عن الوعي معظم الوقت، انتهى به المطاف لاجئاً سياسياً متجولاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق