الثلاثاء، 22 مارس 2016

المساعدات الإنسانية عند التمرد

> يركز قطاع الشمال في الحركة الشعبية على الحديث حول مسألة المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب.. لكن من الذي أشعل الحرب.. ؟ أليس هو هذا التمرد نفسه؟
> والتمرد قد رصدت له واشنطن والأمم المتحدة حالات اعتداء على مواطنين مدنيين عزل.. وأيضاً عمليات نهب وسلب.. والتقارير موجودة.
> فمسألة المساعدات الإنسانية لا ينبغي أن يركز عليها المتمردون.. فهو أمر مضحك ومثير للسخرية بالفعل خاصة في مرحلة ما بعد التوقيع على اتفاقية نيفاشا.
> فما يريده التمرد بالتحديد غير واضح.. وحتى وقف اطلاق النار الذي يربطه بفتح المسارات للعمليات الإنسانية ليس في أجندته التي يدخل بها إلى مفاوضات مرحلة ما بعد اتفاقية نيفاشا.
> فأجندة التمرد في مسألة إطلاق النار فيها مزايدة واضحة.. وفيها تفكير لصالح تنفيذ أجندة أجنبية مفضوحة تشير إليها اجتماعات «الخواجات» مع قادة التمرد وأمبيكي الوسيط الإفريقي الملعون قبل بدء جلسة التفاوض مع وفد الحكومة.
> وبالطبع فإن الخواجات والوسيط الإفريقي لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يضغطوا على المتمردين في اتجاه الوصول لاتفاق اطاري حقيقي لوقف اطلاق النار.
> لكن إذا كانت هذي هي فكرة القوى الأجنبية فإن السؤال هنا هو لماذا دعمت استئناف الحرب في مرحلة ما بعد انفصال جنوب السودان بمباركة منها؟
> ومن خلال المشاورات الحالية في أديس أبابا التي تراقبها جهتان أجنبيتان إقليمية ودولية هل ستكون هاتان الجهتان جادتين في موضوع التوصل لتسوية نهائية في البلاد؟
> والمشاورات الحالية تهدف إلى التوصل لوقف شامل لإطلاق النار ووقف العدائيات.. وإطلاق النار والعدائيات يتضرر منهما المواطنون الأبرياء.
> وهذا مفهوم للقوى الأجنبية.. لكنها تريد أن تكون مشكلة الأمن مستمرة في البلاد.. والدليل مباركتها عملياً اعتداءات المتمردين.. وهي الآن تتوسط في وقت ليس المناسب فيه التوسط.. بل المناسب هو المحاسبة الدولية لهؤلاء المتمردين.
> وإذا كانت القوى الأجنبية لا ترى ضرورة لهذه المحاسبة الدولية ووقف الدعم والتمويل عن المتمردين ومنع من يدعمهم من بعض الحكام في المنطقة.. فإن وساطتها هذي تبقى نفاقاً لتغطية صورتها الحقيقية.
> والتمرد والقوى الأجنبية «دافننوا سوا» كما يقولون.. أي يتفقون على استمرار نسف الأمن والاستقرار.
> وحتى لو توصل المتمردون إلى تسوية في مسألة اطلاق النار مقابل مناصب دستورية يتقلدها قادة التمرد وميزانية لبعض الترتيبات والمشروعات تكون في حساباتهم الخاصة.. فإن هذا كله يرتبط في الأجندة الخفية بتجهيز مشروع تمرد جديد.
> لذلك فإن التوصل لوقف شامل لإطلاق النار حسب ما تهدف إليه المشاورات الحالية يبقى مؤقتاً إلى حين يطفو التمرد القادم.
> والآن وفد التفاوض الحكومي لا يستطيع أن ينفي ما نراه هنا.. فالحكومة مجربة طبعاً.. وقد وقعت على أكبر اتفاقية سلام في التاريخ هي اتفاقية نيفاشا.. لكنها وجدت أن تكلفة الحرب التي كانت ستنتهي بقوة الجيش تقل عن تكلفة السلام.
> وفد الحكومة يمكن أن يؤسس عملية «رعد الجنوب» للمناورات الذكية على غرار «رعد الشمال».. ولا يقاطع الجلسات التي ينادي لها السماسرة الأجانب مثل أمبيكي وبوث.. وهذا مطلوب منه.
> لكنه ليس بإمكانه أن يعدنا بحسم وقف إطلاق النار والاعتداءات التي يتأثر بها المواطنون المدنيون أكثر من غيرهم.
> يمكن أن يكون وقف إطلاق النار مؤقتاً إلى حين أن يستعد قادة تمرد جدد.. فقد يأتون من ليبيا أو يوغندا أو جنوب السودان.. فكلها بلدان مستعدة لدعم وتمويل أي تمرد وأية حرب تنسف الاستقرار في السودان.. حتى لا ينتعش اقتصاده ويلعب دوراً محورياً في المنطقة يؤهله للتأثير على دولها.
< لذلك افضل أن يستمر «رعد الجنوب» وأن تستمر امطار الرصاص إلى أن يشعر المتمردون بأنهم يسجلون في تأريخ الوطن أسوأ سمعة وطنية. ولن تنال القوى الأجنبية من خلال أي تمرد شعرة واحدة من أية حكومة تحكم.. سواء هذي أو ما ستأتي بعدها.
> ولو نجح التمرد في إسقاط حكومة سيسقطها لصالح غيره.. فهو لن يحكم حتى يلج الجمل في سم الخياط.. لكنه يمكن أن يكسب من تنفيذ المخطط الأجنبي.. إذا لم يكن مصير من تبقى مثل مصير خليل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق