الثلاثاء، 22 مارس 2016

في منعطف العبور الوطني.. من يربح ومن يخسر؟!!

الناتج القومي من الفعل الحكومي أو العمل العام خلال أكثر من ربع قرن يستحق بالفعل القراءة المنصفة من أي مراقب حتى إن كان من أصحاب العداء الصارخ ضد النظام والقراءة المنصفة لا تعني فقط أن نكثر من المديح والإطراء لما هو جيد أو عرض الايجابيات فقط فليست تلك قراءة منصفة بل يمكن وصفها بالقراءة المعصوبة العينين وهي قراءة تحمل من الضرر ما هو أ:ثر من النفع فأي عمل عام حكومياً كان أو فردياً، لابد أن يقابله رأي آخر أو وجهة نظر مخالفة بإعتبار أن كل أفعال البشر ناقصة وحاملة للسلبيات مهما كبرت مساحة الإيجابيات فالكمال لله وحده جل وعلا!!
الرأي الآخر الذي يهتم بالمصلحة العامة والمعارضة التي تكشف السلبيات وتطرح الايجابيات من أجل البلد وإنسانه، أدوات هامة في مسيرة العمل العام فإن لم نجد من يقول لا فعلينا أن نتوقع الكثير من الأخطاء التي قد تكون احياناً أخطاء فادحة ومدمرة وتصعب على العلاج.
برلمان الديمقراطية السابقة حظي بمعارضة في جانب التيار الإسلامي وكانت المعارضة بزعامة الأستاذ السياسي الحاذق علي عثمان محمد طه الذي قال ذات مرة عبارة مؤثرة أمام واحدة من جلسات البرلمان جرت خلالها مناقشات ساخنة حول قضية تمس سيادة البلد وكانت المعارضة وقفت بقوة في مواجهة الميوعة السياسية التي التي أظهرها البرلمان وهو يناقش تلك القضية.. الأستاذ علي عثمان  قال لهم: " نحن كمعارضة نتخذ ذلك الموقف على الأقل ليعرف العالم أن هنالك في السودان من يقول لا.."
كان علي عثمان يعني أن وجود "لا" قوية في مواجهة نظام ديمقراطي متهالك، تعطي السودان ملمحاً إيجابياً في العالم الخارجي!!
وجود لا أو معارضة قوية في مواجهة أي نظام حكم قائم في أي بلد في الدنيا، مفيد للحكم بأكثر من فائدته للمعارضة فالذي يهديك عيوبك ونقائصك يجعلك في حالة مستمرة من حاسبة النفس والسعي لتلاقي القصور فتبدو أمام الرأي العام الوطني كياناً يتمتع بصورة مثالية فالذي يقبل النقد والرأي الآخر ويعترف بالأخطاء ويجد لها المعالجات يكسب على الفور احترام الناس بل هم قد يجدون له العذر في ما مضى من نقائص وأخطاء!!
في جلسة أنس مع الرئيس البشير بعد وقوع المفاصلة قال لي : "إن أكثر ما يميز الدكتور الترابي في العمل العام، أنه سريع الإمتصاص للصدمات ويتمتع بالهدوء أمام كل المواقف الصعبة".
في هذا المنعطف الوطني الهام نحتاج كلنا في الحكم وفي المعارضة أن نقدم المصلحة العامة على المصالح السياسية.. نظام الحكم يجب أن يستمع للآخرين بطول نفس وصبر والمعارضة يجب أن تثبت للشعب أنها تعمل من أجل مصلحته فتعترف بنجاحات الحكم ثم لا مانع من أن تورد السلبيات وتضع لها الحلول أما أن تحصر نفسها في العمل على إسقاط النظام بالبندقية أو الغربة عن الوطن والشعب فستظل تخسر الكثير وسيتخطاها الزمن والتاريخ الوطني ولن تحصد شيئاً وهنا نقول أن ما ترجوه من حصاد لو كان ممكناً لما بقى النظام في الحكم لأكثر من ربع قرن!!
الفرصة ما تزال سانحة أمام الجميع في الحكم وفي المعارضة وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الضاغطة والأوضاع المعيشية الصعبة، فإن من يكسب تعاطف الشعب هو من يجتهد ويعمل وينجح في توفير المطالب الحياتية للشعب ويحقق عبور الوطن إلى مرحلة الرخاء والأمن والسلام والديمقرطية!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق