الأحد، 27 مارس 2016

أمبيكي والحركات السودانية المسلحة.. الذم بما يشبه المدح!

قال الوسيط الافريقي (ثامبو أمبيكي) على هامش الملتقى التشاروي في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا (الجمعة 18/مارس 2016) ان كل الحركات السودانية المسلحة –بما في ذلك قطاع الشمال لم تحمل السلاح من أجل الحرب وقتل المواطنين وإنما لاسباب سياسية! لذا عليهم -والحديث ما يزال لأمبيكي- أن يعملوا لحل خلافاتهم سياسياً  وعبر الحوار.
انتهى حديث الوسيط الافريقي. ولا شك ان هذا التصريح الذي يصعب على أي مراقب منصف ان يتجاوزه بسهولة أو يمر عليه مرور الكرام، يمكن اعتباره (عقدة) سياسية اضافية لنزاع معقد بين الفرقاء السودانيين ظل أمبيكي نفسه يعاني الأمرّين جراء تطاول أمده! صحيح ربما كان الوسيط الافريقي وباعتباره رئيساً سابقاً يحاول وضع الأمور في مغلف دبلوماسي ناعم بغية تسهيل مهمته، وصحيح أيضاً ان حملة السلاح على أية حال وجه من وجوه الخلافات السياسية بين الاطراف ولكن من ناحية موضوعية لم يكن السيد أمبيكي موفقاً على الاطلاق في إطلاق تصريح كهذا مهما كانت دوافعه نبيلة، والاسباب في ذلك عديدة ولكن أقلها ان الرجل ما ينبغي له إظهار تبريره لموقف طرف من الاطراف او إضفاء مشروعية لحمل السلاح.
ومع ذلك حتى لو سايرنا مشروعية حمل السلاح فإن الحركات السودانية المسلحة جميعها ومنذ بداية حملها للسلاح تلقت عدة عروض للتفاوض مع الحكومة السودانية وكانت ترفض، بل بعضها سيظل رافضاً للتفاوض، ومن البديهي ان الذي يحمل السلاح ويرفض الحوار ابتداءاً -كما يفعل عبد الواحد محمد نور- إنما يحمل السلاح من أجل الحرب و قتل المواطنين وليس لمجرد خلافه السياسي مع خصومه في السلطة.
وإذا جاز لنا فحص مواقف الحركات المسلحة ومعايرتها مع ما زعمه أمبيكي فإننا نجد: أولاً، حركة عبد الواحد نور لم ترفض التفاوض مع الحكومة فقط، حركة عبد الواحد ظلت ولسنوات تصدر أحكام إعدام فورية ضد منسوبيها الذين يطالبون أو حتى يتساءلون عن عدم جلوس حركتهم للتفاوض. ويستطيع أمبيكي ان يجد العشرات من هذه التقارير لدى المنظمة الدولية التى ما كانت تملك سوى التزام الصمت خشية إغضاب أي طرف دولي مؤثر!
ثانياً، بالنسبة للحركة الشعبية قطاع الشمال وهو الملف الذي يديره أمبيكي بنفسه فإن الرجل يعلم في قرارة نفسه ومن واقع جلوسه مع قادة الحركة في مناسبات ومفاوضات عديدة ما اذا كان هؤلاء القادة يحاربون من أجل (حل خلاف سياسي)، أم أنهم يأتمرون بأوامر دول أجنبية أخرى؟ من المحزن ألا يكون أمبيكي ملماً بتبعية قادة الحركة الشعبية عسكرياً و سياسياً ومن أين تأتيهم التعليمات ومن يقدم لهم الدعم و يضع لهم الخطط العسكرية! أغلب الظن ان أمبيكي ليس ساذجاً على اية حال.
ثالثاً، حركة جبريل ابراهيم التى قاتلت ضمن الصراع الجنوبي الجنوبي بضراوة من منطلق ارتزاقي خدمي، هل في نظر أمبيكي الحركة تحاول حل خلافها السياسي مع الخرطوم ولا تستهدف الحرب وقتل المواطنين؟ والشيء نفسه ينطبق على حركة مناوي المتواجدة حالياً في ليبيا، هل الخلاف بينها وبين الحكومة السودانية في الخرطوم وصل إلى ليبيا؟ لا شك ان السيد أمبيكي حاول امتداح الحركات السودانية المسلحة واعطاءها قدراً من الشرعية، ولكن في الوقت نفسه كان الرجل يمارس الاسلوب البلاغي العتيق في اللغة العربية، الذم بما يشبه المدح، دون ان يقصد ذلك طبعاً نظراً لعدم إلمامه باللغة العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق