الخميس، 17 مارس 2016

الحركة الشعبية قطاع الشمال.. من عبقرية الإفشال إلى عبقرية الفشل!

بدأت بالفعل تتبدد آمال الحركة الشعبية قطاع الشمال في الحصول على أي مكاسب سياسية في الحاضر او المستقبل مهما كانت قوة الطرف الدولي أو الاقليمي الداعم لها، وهو امر توقعناه منذ اكثر من عامين وقرأناه قراءة متأنية. وبموضوعية شديدة كان أكثر ما يحيرنا ان الحركة الشعبية وبدلاً من الاستفادة مفاوضات أديس ابابا المسنودة بقرار دولي، ظلت تمارس اسلوب تشتيت الكرة وإهدار الوقت وعرقلة المفاوضات.
ولا شك ان أسطع دليل على فوات الفرصة تماماً على الحركة الشعبية قطاع الشمال في إحراز مكاسب سياسية سواء استمرت المفاوضات أم لا؛ ان الرئيس البشير في خاطبه الجمعة 4 مارس 2016 أمام مجلس شورى المؤتمر الوطني قطع على نحو جازم ان الحركة الشعبية قطاع الشمال لن تنال حكماً ذاتياً للمنطقتين ولا فترة انتقالية وان أقصى ما قد تناله -اذا قبلت التفاوض- ترتيبات أمنية، وبعض المناصب المتاحة!
الرئيس البشير بطبيعة الحال لا يمكن ان يعلن موقف كهذا من فراغ؛ كما أن الرجل قال ما قاله حينها وهو على دراية تامة -كقائد أعلي للجيش- بالوضع العسكري للحركة الشعبية على الارض. كما أنه على دراية تامة بتفاصيل ومجريات الحوار الوطني ومخرجاته النهائية. ولهذا فإن الحركة الشعبية في واقع الامر اختارت لنفسها وبمحض إرادتها وسوء تقديرها هذا المصير المفجع، ومن ثم فقد تبددت آمالها تلك التى كانت تعتقد أنها قد تتيح لها إعادة انتاج نيفاشا 2005 بطريقة افضل.
وإذا جاز لنا تعداد اسباب تبدد آمال الحركة الشعبية بعيداً عن المعطيات التى ربما استند عليها الرئيس البشير فسوف نجد: أولاً، هنالك استحالة قاطعة فى أن تتمكن أي جهة محلية أو اقليمية او دولية فى القفز على مخرجات الحوار الوطني ونتائجه.
فأياً كانت تلك المخرجات -سلبية أم ايجابية- اصبحت امراً واقعاً صاغه شعب السودان ممثلاً في قواه السياسية ومنظمات المجتمع المدني والقوى الفئوية المختلفة وتم كل ذلك امام مرأى ومسمع القوى الاقليمية والدولية ومتابعتها الصيقة بطرق مباشرة وغير مباشرة. وهذه هي النقطة المركزية البالغة الاهمية التي ظللنا ننهب اليها منذ بداية الحوار الوطني اذ أشرنا مراراً وتكرارً الى ان الامتناع عن المشاركة فيه ليست فكرة سديدة وفيها استهانة بالإرادة الشعبية الوطنية.
كما أن السياسة باعتبارها فن الممكن تتيح لكل سياسي حصيف ان يستغل أي كوة ضوء مهما صغرت للإستفادة منها فائدة قصوى. ولكن أحداً من هؤلاء لم يكن يصغي!
ثانياً، الشروع فى إنفاذ مخرجات الحوار -وهو أمر سوف يحدث لا محالة- سوف يأتي بمتغيرات ملموسة ستجد الحركة الشعبية قطاع الشمال انها متغيرات حقيقية لا مجال لمناهضتها او الوقوف ضدها. وستجد ان الجبهة الداخلية المساندة للحكومة اقوى بأضعاف مما كانت عليه من قبل، الامر الذي يجعل من فرض الرؤى المستحيلة والأحلام الوردية على طاولة التفاوض ضرباً من العبث المضحك والمبكي معاً.
ثالثاً، القوى الدولية والاقليمية الداعمة للحركة الشعبية قطاع الشمال ومهما كانت درجة عداءها مع الخرطوم فهي فى خاتمة المطاف محكومة بمصالحها وبمنطق العلاقات الدولية ومن المؤكد انها لن تظل في ذات النقطة داعمة للحركة الشعبية وهي ترى المتغيرات وعمليات الاصلاح تجري على قدم وساق. رابعاً، أهل المنطقتين والذين يؤيدون قطاع الشمال انفسهم وحين يروا أن المتغيرات طالت مناطقهم وأن الساحة السياسية عادت تتشكل من جديد لن يظلوا يتعبدون في محراب الحركة الشعبية!
من المؤكد أنهم سوف يعيدون النظر فى مواقفهم. هنالك العديد من الاسباب الاخرى التى نحجم عن الافصاح عنها ولكن أردنا فقط التأكيد على عبقرية إهدار الفرص لدى لقادة الحركة حتى انتهت بهم الأمور الى مقاعد أو نصف مقاعد خلفية لا تصلح للسفر الطويل الشاق!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق