الأربعاء، 16 مارس 2016

ليست أمماً متحدة إلا ضد السودان والحق والقانون!

من المفارقات التاريخية الراسخة المعروفة عن الامم المتحدة ما بات يعرف حديثاً بإزدواجية المعايير (dabule standart) المصطلح الحديث نسبياً صار من أهم سمات المنظمة الدولية التي كانت وقت ميلادها فى أربعينات القرن الماضي حلم الضعفاء وأصاحب الحقوق السليبة ولكنهم سرعان ما أدركوا من واقع ممارسات الامم المتحدة ان (القبة) الزرقاء وإحدى أجمل البنايات الشاهقة فى مدينة نيويورك الامريكية ليست سوى محفلاً مخملياً (للأقوياء فقط)!
تاريخ طويل من التناقضات والمواقف المؤسفة كانت وما تزال تتشكل منه الامم المتحدة مع صعوبة المساعي الجادة من غالبية إن لم يكن جل اعضاء الجمعية العمومية لإصلاحها، أو على الاقل الحد من انحيازاتها ومعاييرها المزدوجة.
البيان الاخير الصادر عن الامين العام بان كي مون بجانب رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي (نيكو سوزانا زوما) بشأن الاوضاع في جبل مرة، شمال وشرق دارفور (الخميس 3مارس 2016) كان واحدا من متناقضات الامم المتحدة، ربما لأن قوة حفظ السلام المشتركة العاملة فى اقليم دارفور تضم الطرفين، أو لربما رأت المنظمة الدولية انها يجب ان تشرك طرفاً إضافياً في البيان حتى لا يبدو البيان صارخاً!
على كلٍ جاء البيان (مشتركاً) ولكن لم تكن هنالك ادنى صعوبة ومن واقع طبيعة اللغة والعبارات المعهودة ان الصياغة صياغة الامم المتحدة بامتياز! المآخذ الواضحة على البيان ان الامم المتحدة تتعامل مع الاطراف المتنازعة (بمساواة تامة)! كأنما النزاع بين دولتين أو حكومتين! هذه في حد ذاتها وبصرف النظر عن التفاصيل مهزلة لا تليق بالامم المتحدة.
أما تفاصيل البيان فحدث ولا حرج ولكن قبل ان نتعرض لتفصيل البيان دعونا نقف قليلاً عند نقطة تعامل المنظمة الدولية مع طرفي النزاع. فعلى سبيل المثال فإن الامم المتحدة ومنذ اكثر من60 عاماً ظلت تغض الطرف عن اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية صاحبة حق مشروع على ارض فلسطين واحتاج الامر لذات السنوات لتقبل الامم المتحدة -بعد جهد جهيد- ان تكون السلطة الفلسطينية (عضواً مراقباً) في الامم المتحدة!
صاحب أرض تعرضت للاحتلال بوعد شهير (وعد بلور) 1917 لم يحصل على اعتراف إلا بعد أكثر من نصف قرن! بالقابل فإن حركات تحمل السلاح، تقتل الابرياء، تهاجم القرى، وتهاجم قوة حفظ السلام نفسها وتعمل كمرتزقة في دول مجاورة، تعترف بها بل وتدعمها (معنوياً) الامم المتحدة وتخرج البيانات الرسمية لصالحه!
أما تفاصيل البيان فلفرط ما فيه من عبارات تقدح في مصداقية الامم المتحدة، يجعلك تتساءل من وراءه! فحين يتجاهل البيان المبادِر بالاعتداء وحين يساوي بين حكومة وحملة سلاح يصبح الامر حقاً مثيراً للتساؤل.
أما حديث البيان عن (دعوة الاطراف المتنازعة للحل بالوسائل السلمية) فهو يثير السخرية بكل ما تعنيه، إذ ان الامم المتحدة لا تستطيع الزعم –مجرد الزعم– ان حركة عبد الواحد لديها أدنى رغبة فى التفاوض! الامم المتحدة تعرف ان حركة عبد الواحد لا ترغب فى أي تفاوض إلا إذا أرادت الامم المتحدة ان تعكس الامر وتقول ان حركة عبد الواحد ظلت (تلهث) و (تستجدي) التفاوض معها والحكومة ترفض!
أما ثالثة الاثافي فإن المنظمة الدولية -دون حياء- تطب من الحكومة السودانية (تسهيل) مهمة البعثة المشتركة المكلفة بحفظ السلام (اليوناميد)! الامم المتحدة تريد الحصول على (حفظ سلام) لقواتها المكلفة بحفظ السلام، وأن تقوم بمهمة حفظ السلام قواتها القوات الحكومية السودانية!
الأمر هنا لا يحتاج لتعليق، فالطلب نفسه ابلغ من اي تعليق. ونعود ونقول ان الامم المتحدة لا تتحول الى أمم المتحدة إلاّ ضد السودان والحق والقانون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق