الاثنين، 21 مارس 2016

دليل أمريكي إضافي على عبثية عقوباتها ضد السودان!

مع ان السودان ظل ومنذ قرابة العشرين عاماً يؤكد باستمرار للمجتمع الإقليمي والدولي أن الولايات المتحدة الأمريكية تفرض عقوباتها الاقتصادية أحادية الجانب بدون مبرر سياسي أو أخلاقي وفي ظل المجتمع الدولي والإقليمي يصغي لشكوى الحكومة السودانية وهو يهز رأسه موافقاً مع حيرته في إيجاد الدليل، إلا أن الولايات المتحدة نفسها –لمفارقات القدر وسخرياته– كانت هي الطرف الذي قدم الدليل تلو الدليل على أن هذه العقوبات الموجهة في جوهرها إلى الشعب السوداني هي فعلاً محض عمل كيدي لا تسنده مبررات ولا يرتكز على دوافع أخلاقية!
فقد أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية -وهي بالمناسبة تعودت على ذلك منذ سنوات- استثناء جديد لهذه العقوبات شمل هذه المرة مصنع اسمنت عطبرة، أحد اكبر مصانع انتاج الاسمنت في السودان وربما المنطقة. استثناء مصنع اسمنت عطبرة سبقته استثناءات سابقة كانت قد شملت سلعة الصمغ العربي التى لا غنى عن الشركات الأمريكية والمصانع العملاقة هناك عنها، كما سبق أن صدرت استثناءات لتقنيات الاتصالات وسبقتها أيضاً استثناءات لبعض المعدات الزراعية!
مسلك وزارة الخزانة الأمريكية -الأحادي الجانب هو الآخر- في شطب قائمة المحظورات الأمريكية بات هو الدليل المادي القاطع على ان هذه العقوبات: أولاً، لم تقم على أي دراسة واضحة وإنما تمت على عجل وربما بناء على رغبات جماعات ضغط لم يجد صانع القرارات في واشنطن بد من الاستجابة لها، وفى الوقت نفسه يجد صانع القرار (حرجاً بالغاً) وتعقيدات بيروقراطية صعبة في إلغاءها.
ثانياً، ان واشنطن وهي تصدر هذه العقوبات -في منتصف تسعينات القرن الماضي- لم تكن تنظر أكثر من أسفل قديمها، وإلا لما احتاجت إلى إصدار استثناء من حين لآخر بمبادرة منها وحدها!
ثالثاً، إذا كان مفهوماً استثناء سلعة الصمغ العربي من العقوبات الأمريكية باعتبارها تشكل (مصلحة أمريكية خاصة) فإن من المدهش أن مبررات واشنطن حيال استثناء أسمنت عطبرة من العقوبات تضمنت ان الشركة التى تدير المصنع شركة سعودية، وأنها -أي الشركة السعودية- تنفق عائدات المصنع في أعمال الخير!
لا شك أن أي سياسي مبتدئ سوف تجري ابتسامة دهشة على شفتيه وهو يطلع على هذا التبرير، ولكن المهم -على أية حال- أن هذا التبرير دليل إضافي على الأسباب الواهية التى فرضت علي أساسها هذه العقوبات!
رابعاً، كثرة الاستثناءات -بمبرراتها الواهية التى تعادل ذات المبررات الواهية التى فرضت من أجلها العقوبات- ستقود حتماً في يوم ما إلى إفراغ تلقائي لقانون معاقبة السودان الجائر وغير الحضاري من مضمونه وحينها ستدرك واشنطن أنها ارتكبت عدة حماقات بلا معنى ربما يضيق المجال هنا لحصرها ولكن أقها أنها: أولاً، أعطت السودان مناعة كاملة من أي عقوبات محتملة في المستقبل، فاحتمال عقوبات لعشرين عاماً ليس أمراً يمكن التقليل منه.
ثانياً، أعطت السودان فرصة إعادة استخدام بعض هذه العقوبات ضدها هي نفسها، خاصة في ما يخص الصمغ العربي اذ ما الذي يمنع السودان مستقبلاً -وفي أي سانحة من السوانح- من استخدام حظر الصمغ العربي ضد واشنطن ولو في صورة قرار سياسي من المؤكد ان أنف الدولة العظمى سوف يحمرّ له غضباً وخجلاً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق