الثلاثاء، 22 مارس 2016

فوبيا المعارضة السودانية من وحدة الإسلاميين!

من الممكن ان تسيطر أفكار أو مخاوف معينة على عوام الناس، ويستبد بهم الخوف منها، ذلك إن عوام الناس في الغالب ربما لا تتوفر لهم الحقائق أو لا تسعفهم معطيات الواقع لاستقراء نتائجه، وقراءة ملابساته جيداً، ولكن أن تسيطر هواجس ومخاوف على قادة سياسيين ونخب حازت على قدر كاف من الدربة والثقافة المسنودة بخبرة وتجارب السنوات الطوال، فإن الأمر بلا شك يبدو مثيراً للرثاء.
العديد من قادة القوى السياسية المعارضة ما فتئوا يرددون منذ بداية الحوار الوطني، إن المقصد من الحوار برمته توحيد الإسلاميين ثم إعادة إنتاج وربما إنضاج التجربة السابقة! وحتى هذه اللحظة وحتى في صفوف وأوساط المؤتمر الشعبي نفسه، هنالك من يساوره هذا الاعتقاد للدرجة التي اضطر معها الدكتور على الحاج محمد، القيادي المعروف بالشعبي للتأكيد مراراً في أحدى الندوات النادرة بمركز الشهيد الزبير مؤخراً على أن وحدة السودانيين لها الأولوية على وحدة الإسلاميين.
غير أننا ومع كل ذلك لا نستطيع أن نخفي استغرابنا من تلك المخاوف التى تتنازع بعض القوى السياسية إذا توحد الشعبي والوطني وبقية الإسلاميين. أولاً، من مصلحة الممارسة السياسية الراشدة أن تتوحد كل القوى السياسية السودانية خاصة تلك التي تأنس في نفسها تجانساً ووحدة في الفكرة والطرح، إذ لا احد يسره ما يجري في حزب الأمة ولا ما يجري في الاتحادي الديمقراطي، والغريب والأكثر إدهاشاً ان الحكومة نفسها لم تضق أبداً أو تخشى توحد القوى السياسية والأحزاب الكبرى المعروفة. الحكومة واجهت عشرات الأحلاف (السياسية والعسكرية) بصلابة تحسد عليها ولم تجزع فما بالك بتوحد قوى سياسية؟
ثانياً، لماذا لم يشارك هؤلاء الخائفين في الحوار الوطني، للحيلولة دون ان ينجذب الإسلاميون لوحدتهم؟ المؤسف هنا أن الفرصة كانت مواتية لأي تحالفات او مناورات داخل مشروع الحوار الوطني لصالح بناء ديمقراطي متين وفاعل، وضيعه هؤلاء وهم في عمق هاجسهم الخاص بأن الإسلاميين ماضون إلى وحدتهم التى ستتسبب في اجترار الماضي!
ثالثاً، مجرد إبداء الخوف من توحد الإسلاميين -مجرد هذا الخوف- معناه أن الإسلاميين قوة يحسب لها حسابها وأنها سوف تحول دون تمكن هذه القوى من تحقيق أي قدر من النجاح في الوصول إلى السلطة -سلماً أو حرباً- وهذا بدوره يعني -للأسف الشديد- إقراراً ضمنياً بأن هذه القوى متناهية الصغر بحيث يرعبها ان يتوحد خصومها الذين كانوا –من الأساس– حزباً واحداً!
إن وحدة الإسلاميين من عدمها هي نفسها لا تحتاج إلى حوار وطني ولا تحتاج لكل هذا الجهد، فهم أدرى بشعاب خلافاتهم من غيرهم. قضية الحوار الوطني قضية وطنية خالصة فإذا أتاحت لأي حزب سياسي ان يعيد لحمته ويقوي بدنه، ويصبح قوياً فما الضير فى ذلك؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق