الأحد، 19 فبراير 2017

القاتل المتسلسل!

 الحركة الشعبية قطاع الشمال وصلت أخيراً كما كان متوقعاً إلى ذات النهاية. إذ أصبحت قاطع طريق ملثم بكل ما في ذلك من جبن وقلة رجولة وسارق مستخفٍ بالليل، وساربٌ بالنهار! وهي نفسها النتيجة التى سبقتها إليها حركات دارفور المسلحة، وهما بدورهما ورثاها عن الحركة الجنوبية الحاكمة في دولة الجنوب تفعل ذلك متمتعة بسلطة الدولة!
ولعل أكثر ما يعضد المصير المزري الذي آلت اليه الحركة الشعبية قطاع الشمال، الجرائم والحوادث الأخيرة التى بدأت ترتكبها في أنحاء من جنوب كردفان وغرب كردفان بغية ترسيخ غريزة البقاء على قيد الحياة! قتل الصبية والأطفال والرعاة، من أجل نهب أبقارهم. ترويع المواطنين والمدنيين بغية الحصول على ما معهم! الأمر الذي بات ينطبق فيه عليها الوصف الجنائي الشهير في القوانين الجنائية (القاتل المتسلسل)! فهو قاتل متخفي، يقتل دائماً في الخفاء مستغلاً غفلة الضحية ولا يمنحها –ولو من باب قواعد الفروسية والشهادة العادية– حق الدفاع عن نفسها!
 تجده دائماً يختار ضحاياه بعناية، كما أنه يحرص حرص بالغ على الهرب، ومع ذلك فإنه وفي كل مسرح جريمة بالضرورة يترك خلفه بصمة واضحة شاء تركها أم أبي! وإذا كان القاتل المتسلسل في الحياة الاجتماعية يتم إخضاع جرائمه عادة لتحليل نفسي عميق وقراءة ماضية و العناصر التى شكلت تركيبته النفسية ودوافعه، فإن تطبيق هذه القواعد على الحركة الشعبية قطاع الشمال سهلة وميسورة فهي:
 أولاً، نشأت في بيئة بالغة القسوة والسوء (بيئة الحركة الأم). لا توجد قواعد انسانية، ولا سجايا بشرية وتم تصوير الآخرين في نظرهم على أنهم أعداء. هذه الحقائق كانت تقال في التعبئة العامة في الأحراش بواسطة القادة ولسنا هنا في حاجة لاسترجاع أشرطة الفيديو الموثقة التى كانت تحوي كراهية وغبناً أسوداً يقولها القادة للجند، يطلقون خلالها طاقاتهم الحانقة للتشفي والانتقام من الآخر!
 لا أحد بوسعه ان يجادل حيال عمليات التعبئة العنصرية البغيضة التى تقال صراخاً وصراحة على آذان الجند فتهزهم هزاً وتهيج ماكينة القتل والترويع في نفوسهم. ومن المشهور في هذا الصدد قول قرنق الشهير بأن الحرب – بجب نفقلها إلى الخرطوم (نكسروا طرمبة، كباري، مستودع)! عبارات على بساطتها كانت تعني الكثير. الحركة الشعبية قطاع الشمال ترعرعت في هذا البيئة ورضعت من ثدي هذه العبارات الحانقة الخانقة.
 ثانياً، شعور قادة الحركة -مؤخراً- بانهيار الحركة الأم في دولة الجنوب، الرفيق يقتل رفيقه، والجندي يقتل قائده رفع وتيرة العقدة النفسية إلى أعلى درجة وأشعرها بأنها باتت بلا مرجعية ولا وجهة!
ثالثاً، صدمة الحركة الشعبية في حلفائها خاصة الأمريكيين حيال مقترح توصيل المساعدات الانسانية والتقارب الامريكي مع الخرطوم ورفع العقوبات، أضاف عنصراً حارقاً جديداً لوتيرة الغبن و الحنق. رابعاً، استحالة تكرار نموذج اتفاقية نيفاشا 2005 في ظل قوة الجبهة السياسية الداخلية في السودان وفي ظل مشروع الحوار الوطني، أعطى هو الآخر نسبة مؤلمة من مشاعر اليأس والخيبة إذ أن المستقبل المجلّل بالدعم الأمريكي والجنوبي لإقامة مشروع السودان الجديد تبخر تماماً في الهواء.
خامساً،  الشعور بالجوع والظمأ في ظل رفض الحركة للمساعدات الانسانية مع توقف الدعم اللوجستي -السهل- الذي كان في السابق يأتي رغداً من كل مكان، أضاف عقدة شخصية أكثر تعقيداً في نفوس القادة والجند!
كل هذه أو غيرها جعلت من الحركة الشعبية في نهاية المطاف مجرد قاتل متسلسل لا مستقبل له ومسألة وقوعه في يد السلطات، مسألة وقت فقط!
قضايا التعديلات الدستورية.. استرتجية الحريات المنضبطة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق