الاثنين، 20 فبراير 2017

المجلس الأعلى للإعلام… بوابة العبور للمرحلة الجديدة

القرار الذي اصدره رئيس الجمهورية عمر البشير بتكوين مجلس أعلى للإعلام ، برئاسة  النائب الاول لرئيس الجمهورية  الفريق أول بكري حسن صالح ، يحمل في مؤشراته ان البلاد سوف تدخل مرحلة جديدة  يجب ان يكون الاعلام فيها تحت دائرة أكبر من الوزارة والهيئات المعنية التي تتكون منها وزارة الاعلام  وهي الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون  وكالة السودان للانباء  واكاديمية السودان لعلوم الاتصال  وبقية المؤسسات مثل المجلس القومي  للصحافة والمطبوعات  والذي هو يتبع لرئاسة الجمهورية  وذلك لطبيعة عمله وتكوينه ، وبذات الفهم فان المرحلة القادمة تتطلب ان تكون كل المؤسسات الاعلامية  تحت مظلة واحدة ، وقد يكون هذا واحدا من أهداف قرار  رئيس الجمهورية  وذلك لضمان الاتساق باعتبار ان الاعلام  هو المعبر لرؤية السودان في مرحلة مابعد الحوار ان كان على المستوى الداخلي او الخارجي ، خاصة وان تجربة السودان في الحوار الوطني ينظر اليها بكثير من التقديروهذا ما اشارت إليه تصريحات كثيرة من دول غربية وعربية ، وكانت اخر هذه التصريحات التي صدرت من الرئيس التونسي السابق منصف الرزوقي الذي يزور السودان للمشاركة في فعاليات جائزة الطيب صالح ، والرئيس التونسي السابق المرزوقي هو واحد من الرؤساء الذين دفع بهم الربيع العربي الى سدة الحكم ،وهو ايضا صاحب تجربة اكاديمية كبيرة في فرنسا، وقد ثمن عقب مقابلته السيد الرئيس الجمهورية بالدعوة التي أطلقها رئيس الجمهورية، بشأن الحوار الوطني للوصول إلى توافق وطني بين مختلف القوى السياسية السودانية حول القضايا الوطنية، مبيناً أن أزمة النظام السياسي العربي التي أدت إلى كل هذه المشكلات ناجمة عن غياب مثل هذا الحوار، مؤكداً دعمه الكامل للحوار الوطني السوداني، داعياً كل القوى السياسية للالتحاق به والانخراط في مسيرته وصولاً إلى سودان آمن ومستقر.
ومن هنا تأتي أهمية تكوين مجلس أعلى للاعلام و وقد اسندت رئاسة هذا المجلس للنائب الاول لرئيس الجمهورية الفريق الأول بكري حسن صالح ، وربما ذلك لعدة اسباب يمكن ان نتصور منها ، ان السيد النائب الاول معروف بالدقة والمتابعة ، وهذا ما كشفه برنامج اصلاح الدولة ومتابعته الدقيقة لتنفيذ الموجهات والقرارات ، وهذا ما بدا واضحا خاصة في الاعلام ، فيما يتعلق بتركيب وتشغيل بأجهزة التلفزيون وزيارته المتتالية لمبنى الهيئة لمعرفة ماذا تم .
والأمر الثاني وجود النائب الاول على رأس هذا المجلس يعطي مؤشرا كبيرا للقوى المشاركة في بناء السودان بعد مؤتمر الحوار الوطني ، ان امر الاعلام لم يعد في يد القطاع الخاص او لم يعد غير مسيطر عليه بعد انتشار الفضائيات واذاعات (الاف- أم ) وهذا المجلس سيكون معنيا بالدرجة الاولى بتنظيم العملية الاعلامية خاصة في ظل التطورات الماثلة وان يكون الاعلام دافعا ايجابيا في كل القضايا القومية وصياغة الفكر المعتدل ومواجهة الفكر المتطرف و معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والحرب النفسية وعلاقتها بالصراعات المعاصرة و انعكاس مفاهيم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان و معالجة القضايا في وسائل الإعلام ومناقشة قضايا اختلال تدفق المعلومات في نظام الاتصال الدولي ومعالجة القضايا في القنوات الموجهة في المنطقة ودور شبكات التواصل التفاعلية في معالجة القضايا ، واذا نظرنا الى هذه القضايا فنجدها محور اهتمام دولي واعلامي والتي بدأت بقضايا( حقوق الانسان ) وانتهت بقضايا( الفكر المتطرف) ، حيث تضرر السودان من الاولى في اطار الحملة الدولية الجائرة عليه في بداية التسعينيات ، وكسب تقدير واحترام العالم في الثانية عندما قدم منهجا متكاملا في معالجة قضايا التطرف، وصياغة الفكر المعتدل ، وأصبح هذا المنهج السوداني مطلوبا عالميا .وبالتالي فان مهمة المجلس الاعلى للاعلام كبيرة و تقع على عاتقه مهمة عظيمة في هذا الاتجاه. خاصة اذا نظرنا لتعاظم دور الإعلام في صناعة الرأي العام، وتكوين اتجاهات مختلف الشرائح الاجتماعية.
إن المجلس الأعلى للاعلام سيكون معنيا بالقضايا المعاصرة المتداولة في أجهزة الاعلام المقروء، والمسموع، والإلكتروني من خلال محاوره المتنوعة، سعيا للوقوف على طبيعة اتجاهات معالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية، والتي هي اساس لضبط الخطاب الاعلامي، والرسالة الاعلامية التي يجب ان تكون دعما لهذه القضايا .
ان وجود النائب الاول على رئاسة هذا المجلس يأتي ضمانا لتنفيذ أهدافه حسب ما جاء في القرار وحسب ما رمى اليه السيد رئيس الجمهورية من تكوين هذا المجلس ، والذي يجيء بعد مرور عامين من انعقاد المؤتمر الثاني لقضايا الاعلام والذي ظل النائب الاول يتلقى تقارير دورية عن انفاذ التوصيات من وزارة الاعلام ، وان المجلس ليعالج جزءا من تلك التوصيات التي استصعبت على الوزارة في ظل التقاطعات الموجودة وقلة الارادة في الوزارة ولهذا جاءت اهداف ومطلوبات المجلس الاعلى لمعالجة كل هذه القضايا حيث نص قرار انشائه على أن يقوم برسم السياسات الإعلامية للبلاد والإشراف عليها ومتابعة تنفيذها والعمل على ضمان الحريات الإعلامية وحمايتها وإعلاء القيم والضوابط الأخلاقية والإسهام في اقتراح التشريعات الخاصة بقطاع الإعلام.
ومن اختصاصات المجلس إسداء النصح والمشورة في كل ما يتعلق بشؤون الإعلام، وضمان الالتزام بالدستور والقوانين نصا وتطوير التشريعات المنظمة للعمل الإعلامي ، بجانب الفصل في التقاطعات الناجمة عن أنشطة أجهزة الإعلام ومؤسساته المختلفة وتأكيد التعاون بينها في إطار المصلحة العامة .
وتضمنت اختصاصات المجلس المتابعة العامة للأداء الإعلامي في البلاد وتقصي منطلقاته ومآلاته واتخاذ التدابير اللازمة لضبط ايقاعه وتحسين صورة البلاد داخليا وخارجيا وإعداد تقارير دورية لرئاسة الجمهورية عن مجمل النشاط الإعلامي.
ويتضح ان هذا المجلس تضمن في مهامه كل توصيات مؤتمر قضايا الاعلام الثاني والتي بلغت (26) توصية ، بل المجلس زاد عليها بما استجد من من قضايا وما أشرنا اليه في اطار المعالجة الاعلامية للقضايا الوطنية والقومية وما تعلق بها من ارتباط بقضايا دولية .
ان مجلس الاعلى للاعلام بتكوينه بمستوى دستوري رفيع يمثل بوابة الانطلاق للعبور للمرحلة المقبلة في ظل المتغيرات التي يشهدها السودان بعد مؤتمر الحوار الوطني ، رفع العقوبات الامريكية وانسياب التعاون الدولي في المجالات وتدفقات الاستثمار ، وما يحيط بالسودان من قضايا واقليمية ودولية ، تجعل لهذا المجلس الاعلى للاعلام دورا مهماً ومعادلا لمجلس الدفاع الوطني في مهمته الوطنية ، ان لم يكن أكبر منه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق