الاثنين، 20 فبراير 2017

متى تصبح القمم السرّية علنية؟

وجد حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتكرّر عن تغيّر المزاج الرسميّ العربي حول إسرائيل سنداً جديداً له مع نشر وسائل الإعلام خبر «قمّة سرّية» جرت في مدينة العقبة الأردنية في 21 شباط/فبراير من العام الماضي وجمعت العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نتنياهو ورعاه وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري.
وحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية فإن المقاولة الأمريكية للاجتماع تضمنت اعترافا عربيا بإسرائيل كدولة يهودية واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بدعم دول عربية.
من حيثيّات هذا الاجتماع الغريبة هو حديث الصحيفة عن امتناع نتنياهو عن الردّ بالإيجاب على المقترح بدعوى أنه سيواجه صعوبة في الحصول على تأييد أغلبية داخل ائتلافه الحكومي، وهو ما يعني أنه كانت هناك موافقة ضمنيّة لدى الزعيمين العربيين (وأنهما لن يواجها صعوبة في «إقناع» حكومتيهما بما وافقا عليه).
اللقاء تأكد من مصادر عدة لكن الطبيعة «الحساسة» والكواليسية لعلاقات الأنظمة العربية مع إسرائيل لا توفّر رواية أخرى غير رواية «هآرتس»، وإذا كان سوء الظن من حسن الفطن، كما يقول المثل العربي، فعلى الأغلب أن الزعيمين العربيين لم يرفضا المقترحين، كما يقول التقرير وأن الرفض جاء من وزيرين من الحزب المتطرّف «البيت اليهودي» رغم أن المقترحين (الدولة اليهودية وإجبار العرب للفلسطينيين على التفاوض) يصبّان بالتأكيد في صالح إسرائيل وليس الفلسطينيين.
يخدم تسريب خبر الحادثة بعد عام كامل من حصولها وإثر رحيل كيري وإدارة الرئيس أوباما، في توطيد مزاعم نتنياهو عن توسع التأييد ضمن المنظومة الرسمية العربية لإسرائيل، لكنّه يظهر أيضاً الطبيعة المخادعة للادعاءات الإسرائيلية ورغبة تل أبيب في التحلّل من الحلول الملزمة حتى لو كانت مجحفة بحق الفلسطينيين.
يتوقع أيضاً أن يكون إيصال موظفين دبلوماسيين أمريكيين للخبر المذكور بعد لقاء دونالد ترامب ونتنياهو حصل لتسويق فكرة الرئيس الأمريكي الملتبسة عن «الدولة الواحدة» وكذلك في حثّ خطى الزعماء العرب الآخرين لدعم فرضية التحالف الخليجي العربي مع إسرائيل ضد إيران على أن يدفع الفلسطينيون، من خلال تهميش قضيتهم ودفعهم للامتثال للأجندة الإسرائيلية، الفاتورة المؤلمة.
المؤكد أن المنظومة الرسمية العربية، رغم مواجهتها الطاحنة مع إيران، لا تستطيع أن تمضي في إطار الاعتراف العلني بالإسرائيليين من غير تحريك نسبيّ للقضية الفلسطينية على أسس القانون والقرارات الدولية، كما أن الوضع الفلسطيني أعقد من قدرة أي نظام عربي على تطويعه، وفوق كل ذلك لا يجب الاستهتار بقوة الأحزاب العنصرية واليمينية المتطرفة الإسرائيلية والتي تعتبر الاستمرار بالاستيطان وممارسات القمع والبطش والانتهاكات هي «الحلّ» الوحيد الممكن للقضية الفلسطينية.
وإذا أضفنا إلى كل ذلك الاهتزاز المستمر الذي تتعرّض له الإدارة الأمريكية الحالية، وتشابه مقارباتها مع اليمين العنصري الإسرائيلي، نستنتج أن الأطراف المنخرطة في النزاع ستبقى حاليا في موقع المترصد لبعضها البعض.
… ما يعني أن القمم السرّية لن تصبح علنية في فترة قريبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق