الأحد، 18 يونيو 2017

خروج يوناميد .. انتصار للإرادة أم فشل المهمة ؟

بعد قضائها تسع سنوات تجري الترتيبات لمغادرة  البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي   البلاد بعد ان تم نشرت في دارفور منذ العام 2008 م بقوة قوامها نحو «20» الفا من القوات ، وذلك بعد ان بدأ مجلس الأمن الدولي أمس الاول ، في مناقشة استراتيجية خروج البعثة المشتركة «يوناميد»   من ولايات دارفور المختلفة، حيث اقترحت الاستراتيجية الانسحاب الممرحل  السلس  لقوات «اليوناميد»، على فترتين تفصل «6» اشهر بين المرحلة والأخرى الى جانب خفض المكون الشرطي والمدني ويعتبر القرار انتصارا لاعمال  اللجنة المشتركة من الحكومة السودانية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، التي تشكلت في عام «2015م» وباصرار حكومي على الخطوة فيما كانت تبحث اللجنة المشتركة استراتيجية خروج اليوناميد -لكن هل قامت البعثة بالادوار المطلوبة منها على اكمل وجه – لاسيما وان أصوات دارفورية جاهرت  بعجز البعثة عن القيام بمهامها وعدم قدرتها في حماية نفسها ناهيك عن قيامها بحماية المدنيين حيث تتمثل مهام  البعثة الأممية في «حماية المدنيين، ورصد حقوق الإنسان والتحقيق فيها، وتهيئة الظروف المواتية لإيصال المساعدات الإنسانية، ودعم اتفاق وقف الأعمال العدائية..
ولم  يستبعد محللون سياسيون أن يكون من بين الأسباب التي  ادت لخروج البعثة بسبب التكلفة العالية التي يتحملها المجتمع الدولي مع عدم استعداد المانحين لتمويل عمليه تبدو بلا نهاية يضاف اليها اتساع العنف القبلي في دارفور باعتباره أصل المشكلة ، لكن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2173،  طالب  الأمين العام للأمم المتحدة بالتنسيق الوثيق مع الاتحاد الأفريقي، والسعي لتعرّف وجهة نظر جميع الأطراف ذات الصلة، لإعداد توصيات بشأن ولاية اليوناميد وتكوينها في المستقبل وإستراتيجية خروجها، فضلا عن علاقتها مع الجهات الفاعلة الأخرى للأمم المتحدة في السودان «.
وتحدث تقرير خبراء الأمم المتحدة عن الجماعات المسلحة الدارفورية ، لحركة «عبدالواحد حمد نور ، ومني مناوي ، وجبريل ابراهيم » وانتقالها الى ليبيا وتحول نشاطها الى نشاط ارتزاق لصالح حفتر والاشتراك في الحرب الأهلية الليبية الى جانب تورط هذه الجماعات في تهريب البشر والمخدرات وقد سبق هذا التقرير بنحو «3» أشهر تقرير لخبراء الامم المتحدة أشاروا فيه الى انتهاء التمرد ونقل نشاطه الى دولة جنوب السودان وليبيا بشكل جماعات ومرتزقة بمقابل الحرب في ليبيا الى جانب نشاطها في عمليات النهب المسلح والتهريب ، حيث ركز التقريران على نهاية التمرد المسلح واستهداف الدولة واستغلال الجماعات المسلحة خارج البلاد وهذا يؤسس سبب او ذريعه لانهاء وجود اليوناميد كما يؤسس لسحبها ، ويلاحظ ان فترة صدور التقرير ، شهدت دارفور عمليات عسكرية واسعة في قوز دنقو مرورا بجبل مره وعين سيرو ، وهو بحسب المحلل السياسي عبدالله رزق في حديثه لـ«الصحافة » وهو فيما يبدو محاولة من الحركات المسلحة لتسخين الاوضاع فى الاقليم ، وأضاف ان الحكومة تطالب بخروج اليوناميد وبدأت الضغط في هذا الاتجاه كما ان الامم المتحدة بدأت تستجيب لتلك الضغوطات لأسباب معلومة لها وزاد «يبدو ان التقريرين محاولة لوضع أساس لانسحاب يعتمد نهاية التمرد في دارفور » بمعنى تبدل أشكال العنف من مسلح الى قبلي وهو أصل الصراع في دارفور وذلك دون ان يكون ليوناميد أية دور كبير فيما يتعلق بالمهمة الرئيسية بحماية المدنيين بل كانت عبئا على الشرطة السودانية التي توفر لها الحماية اللازمة بعد ان أصبحت اليوناميد هدفا للمسلحين من كل الاتجاهات.
وأشار رزق الى ان خروج يوناميد يعتبر فشل القوة الأممية في تحقيق السلام في دارفور ووقف العنف القبلي بكافة أشكاله ، ورأى ان دارفور تحتاج الى مجهود اكبر من كل الشركاء والاهل بدون اية مساعدة من الامم المتحدة او الاتحاد الافريقي .
في المقابل قال المحلل السياسي عبدالله ادم خاطر لـ«الصحافة » ان يوناميد تحملت الاستهداف والأذى من اجل المهمة وحتى لاتنخرط في الصراع وبالتالي تصبح جزءا منه في محاولتها للدفاع عن نفسها واشار الى انها تمتلك من القدرات الحربية ما يمكنها من ذلك ، لكنها لم تفعل ، وأضاف خاطر ان مسألة تقليص اعداد القوة الأممية  خلال سنة وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي متروكة بحجم انهاء النزاع والذي لم يكن كما كان في عام «2003»م وقد انحسر وأبان ان مواطن دارفور يرغب في السلام وهو ما دعا مجلس الأمن الدولي في الضغط على الاطراف لتحقيق السلام واعتبر دعوة الحركات المسلحة ان الوقت لايزال مبكرا لاخراج البعثة مع مناشدة  تمديد مهمتها لسنة أخرى ومواصلة تعزيز مهمتها لدعم السلام والأمن  بمثابة تنبيه واجب للعملية السلمية  لاسيما وان مجلس الأمن قد وفر القدرات الكافية لليوناميد التحرك بصورة اكبر في دارفور.
القرار جاء وسط  ترحيب الجانب الرسمي ،واعتبره السفير عمر دهب مندوب السودان الدائم بانه غير المسبوق بعودة الاوضاع الي طبيعتها وطي صفحة النزاع في دارفور كما حيا البعثة علي دورها وتضحياتها في حفظة السلام خلال الاعوام المنصرمة ، مجددا إلتزام السودان بمواصلة تعاونه مع كافة الشركاء .
وكانت القوات المسلحة قد افشلت اخر المخططات لزعزعة الاستقرار وضربت مكوناتها في مقتل واستولت على المعدات الحربية المصرية والتي استخدمتها في الهجوم  مبديا قلقه من ادعاءات استخدام الدول المجاورة كاراضي لانطلاقة هذه الهجمات فيما  ادان مجلس الأمن الدولي هجوم الحركات المسلحة  وهدد لأول مرة  فرض عقوبات دولية على عبد الواحد نور لرفضه المشاركة في عملية السلام  والحركات المتمردة لإتباع المحادثات السياسية المباشرة لتحقيق حل دائم لنزاع دارفور الخرطوم في الوقت نفسه  أعلنت قيادة قوات الدعم السريع عن أن عددا من المتمردين بقيادة القائد الميداني لحركة مناوي ابوندلق سلموا أنفسهم لقوات الدعم السريع بمنطقة عين سيرو بولاية شمال دارفور  و قال المقدم ادم صالح الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع في تصريحات صحافية  أن قواته  ظلت تطارد المتمردين الذين فروا من المعارك التي دارت بوادي هور و منطقة عين سيرو مؤخرا .
وتحتضن ولايات دارفور نحو «16» كتيبة  ويزيد عن «20» الفا من قوات اليوناميد، ستسحب ثماني منها وفقا للاستراتيجية، على أن تسحب المجموعة الثانية بعد عملية مراجعة وتقييم للاتفاقية بعد ستة أشهر من الخطوة الأولى ، وكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة كي مون قد أفاد في تقرير له في يونيو 2015 بأن فريق الاتحاد الأفريقي والمنظمة الدولية، إقترح على الخرطوم إنسحابا تدريجيا لـ «يوناميد» يبدأ من ولاية غرب دارفور، ويكتمل بتوصل الحكومة والحركات المسلحة إلى تسوية.
واعربت وزارة  الخارجية عن ترحيبها بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي قدمه لمجلس الأمن الدولي  بشأن الوضع في دارفور والذي أعلن فيه تخفيض حجم قوات حفظ السلام بالسودان  إلي النصف كمرحلة أولي واعتبرت في بيان لها ان التقرير  يتسق ومتطلبات استراتيجية خروج اليوناميد من دارفور،  والتي قضت بتخفيض المكون العسكري للبعثة بنسبة 44% والمكون الشرطي بنسبة 30% واغلاق 11 موقعا في المرحلة الأولى و7 مواقع في المرحلة الثانية ورحب ذات  البيان بما أصدره  مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي قبل يومين لادانته الهجمات  التي شنتها المجموعات الدارفورية المتمردة التي تسللت من دولتي جنوب السودان وليبيا مؤخراً معرباً عن قلقه من استخدام التمرد البلدان المجاورة لشن الهجمات ، وناشد المجلس المجتمع الدولي لتقديم  الدعم المطلوب لحكومة السودان لتعزيز السلام في دارفور ، كما طالب  رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي والأمين العام للأمم المتحدة للعمل مع الشركاء الدوليين بغية عقد مؤتمر للمانحين لتوفير موارد لمساعدة السودان في تنفيذ مشاريع ما بعد السلام.
وتجدد الوزارة إشادتها بمواقف الاتحاد الأفريقي الداعمة لمسيرة السلام في السودان ،كما تؤكد على جدية وتصميم حكومة الوفاق الوطني علي مواصلة السير في طريق المفاوضات حتى يتم استكمال السلام الدائم والشامل في جميع أرجاء السودان، وتنفيذ تنمية تسهم في استدامة السلام الذي تحقق بجهود ومثابرة والتزام حكومة السودان وبمساندة مقدرة من الاتحاد الافريقي وجميع الأصدقاء.
كما تؤكد الوزارة على عزم حكومة الوفاق الوطني وتصميمها علي إحلال الإستقرار والسلام والأمن في كافة ربوع البلاد كما تلتزم بمواصلة التعاون والتنسيق مع الإتحاد الإفريقي والأمم المتحدة من أجل إنجاح مهمة بعثة الأمم المتحدة في دارفور «يوناميد» حتى مرحلة الانسحاب الكامل للقوات الأممية من الاقليم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق