الخميس، 15 يونيو 2017

الأزمة الخليجية.. خيارات السودان

أتمنى أن يتمكن السودان من الاستمرار في حياده الإيجابي تجاه تطورات الأوضاع في الخليج العربي، نحن مؤهلون دون سوانا للعب دور مهم وفاعل في رأب الصدع بين الإخوة الأشقاء في (السعودية والإمارات والبحرين) من جهة – وقطر من جهة أخرى، ما زال السودان جزءاً من الحلف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن يقاتل الى جانب السعودية، وظل يتمتع كذلك بعلاقات استثنائية وقد كانت جزءاً من التحالف حتى تفجر أزمة الخليج الراهنة، مازالت الخرطوم تحظى بتقدير الجميع وهي تتخذ موقفاً وسطاً من المتخاصمين ويقف على مسافة متساوية من جميع الأطراف.
استطاعت الحكومة أن تعتمد موقفاً نال استحسان الشارع وتوافق تماماً مع المزاج العام الذي يضع خاطراً لعلاقات السودان العربية والخليجية على وجه الخصوص، وظفت الخرطوم كثيراً من التجارب والدربة في السياسة والدبلوماسية واتخذت موقفاً يحسب لها في إدارتها لملف الأزمة بين الأشقاء العرب.
لم يتوافق الشارع مع قرار حكومي تم اتخاذه مؤخراً مثلما اجتمع على الاشادة بموقف السودان من أزمة الخليج.
التحدي الأساسي يكمن في الحفاظ على الموقف من الصراع بين دول الخليج كونه يستند على مرجعيات استراتيجية أقرتها الحكومة  منذ بداية الأزمة.
التحدي يكمن في قابلية النفس الحكومي على الاستمرار في الموقف المعلن دون أن ينقطع رغم تلاحق الأحداث وتزايد التوقعات بأن تواصل بعض الأطراف الضغط على الحكومات لاتخاذ موقف مساند لها في الأزمة.
أعتقد أن موقف السودان الواضح والموضوعي يجد كل التقدير من قبل الإخوة الأشقاء، بالأمس قرأت في (صحيفة السوداني) الغراء تصريحاً واعياً للسفير القطري بالخرطوم معالي راشد بن حامد النعيمي وصف فيه مواقف السودان إزاء القضايا العربية والإسلامية بإنها مشرفة، قبل أن يؤكد : (لن يستطيع أحد أن يزايد عليها).
حديث السفير القطري يشير بوضوح إلى سلامة استراتيجية الحكومة وهي تعلي شعار التوافق في تصديها للأزمة الراهنة بالخليج، موقف السودان أخلاقي مبدئي في المقام الأول وينبغي دعمه وإسناده والمحافظة عليه، كثيرون يجنحون لتفسير مواقف الخرطوم من زاوية المصالح فحسب، هذا تفكير مهم ومطلوبولكنه لا يلغي بالضرورة التزامات السودان المبدئية والأخلاقية تجاه جيرانه وأشقائه في الخليج.
كثير من الأحداث داخلياً وخارجياً ستضع السودان في امتحان الثبات على موقفه المعلن من الأزمة الخليجية، التحدي المهم هو تكثيف الحراك الساعي للتوفيق بين الأشقاء والتعامل بما يلزم من استراتيجيات تحول دون تغيير موقف السودان وتعصمه من الانحياز لأي طرف مهما كانت الضغوط والتحديات والظروف.
كان لابد من قراءة موضوعية لطبيعة التحالفات التي أسفرت عنها الأزمة الخليجية ابتداء واتخاذ القرار المناسب الذي يحافظ على دور محوري ومهم للتقريب بين الأشقاء في الخليج العربي، وطالما تم اتخاذ الموقف فمن المهم التركيز على انجاحه وإسناده بتحركات عملية تحقق للسودان دوره المطلوب في التعامل مع الأزمة. على الخرطوم أن تظل ثابتة على موقفها في ظل تحركات كثيفة تطالبها بالانحياز مع أو ضد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق