الخميس، 22 يونيو 2017

“ما وراء زيارة قولو”

ظلت قضية النازحين واللاجئين، تمثل عنواناً بارزاً لأزمة دارفور التي تطاول أمدها، وأصبحت القضية تلاحق السودان وتطارده في جميع المحافل الدولية، لارتباطها بالأزمة الإنسانية وحقوق الإنسان والمنظمات الدولية التي تعمل في هذا الحقل، وللخروج من نفق الأزمة الإنسانية المظلم التي ظلت تطارد البلاد وقعت الحكومة السودانية ومنظمة الأمم المتحدة للاجئين وتشاد، في الثاني من يونيو الجاري، اتفاقا يتم بموجه تنظيم العودة الطوعية لعشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين من دارفور في تشاد، فضلا عن لاجئين تشاديين بالسودان.
وطبقاً لنص الاتفاق الثلاثي فإن (توقيع هذه الاتفاقيات لا يعني أن العودة ستبدأ فوراً، حيث لا يزال هناك عمل كثير على عاتق اللجنة الثلاثية الفنية التي تشرف على تطبيق الاتفاقيات لكي تضمن أن العودة ستكون عودة مستمرة وستتم بكرامة وأمان)، وتوضح الاتفاقية أن الإطار القانوني يؤكد أن العودة يجب أن تكون طوعية بطبيعتها، وقررت الأطراف وفقاً للاتفاقية صياغة إطار للعودة ينبع من الرغبات الحرة التي عبر عنها أولئك الذين عادوا أو الذين أبدوا رغبتهم في الحصول على المساعدة للعودة، وقال الاتفاق الثلاثي (يأخذ الأطراف بعين الاعتبار أنه حتى الآن تمت عودات طوعية تلقائية من قبل اللاجئين السودانيين من المعسكرات بتشاد، بالإضافة إلى إبداء الرغبة في العودة بصورة واضحة من قبل اللاجئين التشاديين في السودان).
وأشار الاتفاق إلى التحسن العام في الأوضاع الأمنية في معظم مناطق العودة المحتملة بدارفور، وتعهد بضمان أن يكون قرار اللاجئين الذين يقررون العودة استناداً إلى معلومات حديثة ودقيقة عن الظروف السائدة في مناطق العودة المقصودة، وأفادت الاتفاقية الثلاثية بأن الاتفاقات الموقعة تمثل المبادئ الدولية المتعارف عليها التي تحكم العودة الطوعية للاجئين، والتي يلتزم بها كل الأطراف، وأشارت إلى تطلع الحكومتين والشعبين في السودان وتشاد إلى استقبال اللاجئين من البلدين، ووعدت الأطراف بالعمل على نحو وثيق لحشد وتعبئة الموارد اللازمة لضمان أن تكون العودة بصورة كريمة ودائمة، ويُقدر عدد اللاجئين السودانيين في شرق تشاد بنحو (350) ألفاً موزعين في نحو (13) معسكراً، ومنذ عام 2015 بدأت جهود لعودة اللاجئين والنازحين الدارفوريين إلى قراهم الأصلية بعد أن هُجِّروا منها بسبب الحرب بين القوات الحكومية والحركات المسلحة منذ 2003م.
وفي أول ردة فعل للاتفاق، رحبت الولايات المتحدة الأمريكية بالاتفاقية الثلاثية بين السودان وتشاد والمفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين، القاضية بعودة اللاجئين في البلدين إلى مناطقهم، واعتبرتها خطوة أولى لضمان عودة آمنة للاجئين إلى ديارهم. وقال بيان للسفارة الأمريكية في الخرطوم صدر في الثامن عشر من يونيو الجاري (تهنئ سفارة الولايات المتحدة الحكومة في تشاد والسودان، وكذلك المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين على الاتفاقيات الثلاثية التي أبرمت بينهم، والتي تحدد الإطار القانوني لتيسير العودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين السودانيين في تشاد واللاجئين التشاديين في السودان).
وبدأ وفد أمريكي رفيع، بقيادة القائم بالأعمال من الفاشر، يوم (الأحد) الماضي زيارة نادرة، لدارفور تستمر ثلاثة أيام، يرافقه المستشار السياسي والاقتصادي ومسؤول المعونة الأمريكية بالسودان، وقال (إستيفن كوتسيس) القائم بالأعمال الأمريكي في السودان، إن الوضع الأمني بدارفور يقف عائقاً أمام الراغبين في العودة إلى ديارهم، وشدد على ضرورة ثقة الراغبين في العودة بقدرة الأجهزة الأمنية الحكومية، على حمايتهم من هجمات المليشيات. وقال كوتسيس إن الزيارة ترمي لتقييم التقدم الذي أحرزته جهود الحكومة السودانية، وبعثة (يوناميد) والمجتمع المدني، لافتاً إلى أنها الزيارة الأولى لشخصه إلى الإقليم برفقة مسؤولي السفارة.
وناقش كوتسيس ووفده الجانب الإقليمي والأمني والإنساني والقانوني في شمال دارفور مع نائب والي شمال دارفور وأعيان الإدارات الأهلية والمدعي العام لدارفور، وقال: “الإدارات الأهلية والأعيان طلبوا من المسؤولين مساعدة النازحين الذين يريدون العودة لمناطقهم ولا يستطيعون خوفاً من المليشيات والعناصر الإجرامية، وأكد أن النازحين بحاجة إلى الثقة في قدرات الأجهزة الأمنية على حمايتهم، بالإضافة إلى الجانب القضائي لتحقيق العدالة”. وتابع: “لذلك يجب على الحكومة العمل مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والشركاء مع ضرورة بناء المؤسسات المحلية التي تحمي المدنيين، وتقدم لهم الخدمات الأساسية حتى يتمكنوا من العودة إلى قراهم”.
وفي سابقة نادرة، وصل وفد دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى أمس الأول (الاثنين) إلى منطقة جبل مرة، ووقف الوفد على مشروعات تنفذها هيئة المعونة الأمريكية بمنطقة (قولو)، وقال كوتسيس في تصريحات صحفية، إنه وصل المنطقة برفقة نائب قائد قوات حفظ السلام في الإقليم (يوناميد) والتقى معتمد المحلية والقادة المحليين، وأضاف قائلاً: “عبروا لي عن رغبتهم في سلام دائم، ومزيد من الخدمات الأساسية في منطقتهم”، وتابع: “استطعنا من خلال هذه الزيارة الاطلاع على مشروع المعونة للمياه، الذي يساعد الآلاف من السكان على إيجاد مياه صالحة للشرب.. مشروع المياه هو الأكثر أهمية الآن بسبب خروج المحطة الأساسية عن الخدمة.. وزرنا أيضاً المستشفى المحلي الذي ظل يستقبل مرضى من أطراف المحلية على الرغم من التحديات التي تواجهه”. وأكد أن هذا المستشفى يعد الوحيد الذي يستقبل حالات مرضية، والولادات الطارئة ويساهم في علاج حالات سوء التغذية.
وبحسب كوتسيس فإن زيارته لمحلية (قولو) بجبل مرة تهدف إلى لقاء المسؤولين والمواطنين هناك والوقوف على مشاريع المعونة الأمريكية، وتابع: “سنتأكد من المناطق التي وصلتها الإعانات والمساعدات الإنسانية ومدى تحسن حياة المواطنين فيها، ونأمل أن نرى المساعدات تصل إلى أنحاء دارفور”، وشدد كوتسيس على أن وجود قوات (يوناميد) في المنطقة من شأنه الإسهام في توفير المزيد من الخدمات لأهالي (قولو)، كما يؤمن العمليات الإنسانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق