الأربعاء، 21 يونيو 2017

أثر قرار مجلس الأمن بتقليص اليوناميد على الحركات الدارفورية المسلحة!

من الناحية القانونية والسياسية يمكن القول إن قرار مجلس الأمن بتقليص قوات حفظ السلام (اليوناميد) في إقليم دارفور هو في وجهه الآخر قرار دولي بانتهاء الأوضاع السيئة التى على أساسها كان المجلس قد قرر الدفع بقوات حفظ السلام في الإقليم، وهذا بدوره يسحب البساط عملياً من تحت أرجل الحركات الدارفورية المسلحة، والتى كانت وما تزال تراهن على بقاء الإقليم تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، محاطاً بقوات حفظ السلام، موضوعاً على المنضدة الدولية باستمرار.
ولهذا أردنا قراءة القرار أثره على الوجود السياسي لحركات دارفور المسلحة في مخيلة المجتمع الدولي نلاحظ: أولاً، القرار نزع من إقليم دارفور صفة الاضطراب الأمني، إذ أن الإقليم يمضي في تحسن أمني مضطرد، إذ ليس سهلاً سحب 8 كتائب من القوات لو لم يكن الإقليم يتمتع بحالة استقرار ملفتة للنظر، وهذا يعني أن المجتمع الدولي لم يعد يأبه سياسياً للحركات المسلحة فهي لا تعدو كونها (عنصراً سالباً) في الإقليم والمنطقة، تهاجم متى ما سنحت لها السانحة وتخرب متى ما أتيح لها ذلك، ولهذا لا تملك تأثيراً على الأوضاع يجعلها عنصراً مهماً في الأوضاع برمتها.
ثانياً، إقرار مجلس الأمن الضمني بتحسن الأوضاع معناه أيضاً اقتناع المجلس بأن الحركات المسلحة لا تملك غير الجلوس للتفاوض، وان ترضى بما يتحقق لها من مكاسب ولا مجال لمنحها أكثر مما تسحق، والواقع ان المجتمع الدولي بهذه الخطوة فيما يبدو ضاق ذرعاً بهذه الحركات المسلحة، ولم يعد -كما كان في السابق- يحسب لها حسابات مستقبلية، وهذه هي النقطة المفصلية المهمة في الأزمة كلها، فقد خرجت هذه الحركات من السياق الذي كان متوقعاً أن تمضي فيه بأن تصبح ضمن المعادلة السياسية الشاملة .
ثالثاً، القرار اعتراف بمصداقية وموثوقية الموقف السوداني الحكومي، فقد نجحت الحكومة السودانية في إحكام سيطرتها على الأوضاع وما ظلت تقوله باستمرار اصبح مقنعاً للمجتمع الدولي، وهو أمر فات على الحركات المسلحة التى ظلت باستمرار تراهن فقط -بلا وعي- على استمرار المجتمع الدولي في الضغط على الحكومة السودانية وإتهامها بأعمال عنف جارية في الإقليم. الآن هذه الحجة سقطت عملياً وصار من الصعب -بعد قرار التقليص- إقناع المجتمع الدولي بأن الأوضاع متفجرة في دارفور وأن من الأفضل الإبقاء عليها هكذا.
إجمالاً وكما هزمت الحركات المسلحة ميدانياً هزائم نكراء متتالية على يد الدعم السريع، ها هي الآن تهزم قانونياً وسياسياً بقرار مجلس الأمن المشار اليه، وهذه نفسها هزيمة نكراء إضافية تضاف لسجل الهزائم المريرة في حق الحركات دارفور المسلحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق