الأربعاء، 21 يونيو 2017

قطاع الشمال الجديد.. مواجهة الخيارات الصعبة

استقالة نائب رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال عبد العزيز الحلو من الحركة في مارس الماضي كانت القشة التي قصمت ظهر الحركة، ومنذ ذلك التاريخ لم تستقر الأوضاع داخل القطاع ، وقد أرجع الحلو حينها أسباب إستقالته إلي سيطرة رئيس الحركة «مالك عقار» والأمين العام «ياسر عرمان» علي زمام الأمور، كما إتهمهما بالحيدة عن مشروع السودان الجديد الذي تبنته الحركة ، وقد أثارت الخطوة جدلاً كثيفاً وتطورات كان أبرزها سحب مجلس جبال النوبة الثقة من الأمين العام للحركة «عرمان» وعزله من رئاسة وفد التفاوض حول المنطقتين، ومنذ ذلك الحين تعاقبت الأحداث وضربت الخلافات الحركة وإشتد الصراع بداخلها.
ويبدو أن الحركة الشعبية قطاع الشمال قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التفكك، وانها تواجه أزمة عميقة بسبب الخلافات التي إزدادت وتيرتها خاصة بعد قررات مجلس تحرير النوبة بإقالة عقار وعرمان وتعيين الحلو رئيساً للحركة.
وفي خطوة جديدة أعلنت السكرتارية العامة المكلفة للحركة الشعبية بالنيل الأزرق أيضاً إقالة مالك عقار من منصبه كرئيس للحركة الشعبية، وإتهمت في بيان صادر بإسم سيلا موسي كنجي السكرتير العام المكلف بإنفراد عقار بقيادة الحركة والجيش الشعبي بإقليم النيل الأزرق دون الرجوع للمؤسسات التنظيمية، كما إتهمته بالسعي إلي شق الحركة بالتركيز علي قبيلة واحدة هي أهله «الأنقسنا «.
وبدورها إتهمت قيادات أخري بالحركة مالك عقار بتصفية الجنرال علي بندر في مايو الماضي علي خلفية الصراعات التي نشبت في معسكرات اللاجئين بعد إعتقال دام لأكثر من خمسة أشهر.
ووزع بعض أنصار عقار والحلو قراراً ممهوراً بتوقيع رمبوي بعزل رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي جقود مكوار وتكليف العقيد يعقوب كارلو برئاسة الأركان، لكن رومبوي إتهم عقار وعرمان بتزوير الخطاب باسمه، ورأي أن ما حدث كان متوقعاً لإشعال الفتن في جنوب كردفان لإحداث فوضي علي غرار ما حدث في النيل الأزرق، وأكد رومبوي أن مجلس التحرير لم يصدر قراراً بإقالة مكوار وأنه لا زال يمارس صلاحياته كرئيس لهيئة أركان الجيش الشعبي.
وفي رد فعل علي بيان إقالة عقار أكد القيادي بجبال النوبة بشير فلين أن الأحداث المتلاحقة التي مرت بها الحركة هي خطوات تصحيحية، وتوقع أن يكون لها أثر إيجابي على مسيرة السلام في المنطقتين، وقال فلين إن الخطوة ستأتي بأشخاص نزيهين يكون إهتمامهم بقضايا المنطقة وأهلها وليس قضاياهم الشخصية، وأضاف بأن المحصلة النهائية لهذه الأحداث ستكون إيجابية.
فيما أرجع المحلل السياسي والقيادي بالمؤتمر الوطني د. ربيع عبد العاطي التعثر والخلافات داخل الحركة إلي أن مكونات المنطقتين غير متناغمة مع بعضها البعض، ولا تربط بينها علاقة من حيث التركيبة القبلية والتقاليد ، وأكد أن الأحداث الأخيرة أظهرت الجسم المتهالك الهش لقطاع الشمال الذي وصفه بالكيان المهترئ من حيث التركيبة، ولم يستبعد عبد العاطي أن تلقي هذه الأحداث بظلالها علي عملية السلام والمفاوضات، وقال كنا في السابق لا نتعامل مع قيادة إلا أنه الآن ستكون الأمور واضحة.
بينما يري الناطق باسم مجموعة التغيير المنشقة عن الحركة الشعبية إسماعيل زكريا أن خلافات المتمردين بقطاع الشمال وصلت ذروتها سيما بعد الإنقلاب الأخير علي عقار بجانب إنسلاخ مجموعات كبيرة من القيادات الميدانية للحركة وإنضمامها لمسيرة السلام.
من جانبها أكدت الحكومة أن خلافات الحركة الشعبية قطاع الشمال تزيد من معاناة أهل المنطقتين وتعطل عملية التفاوض.
وقال أحمد بلال عثمان الناطق الرسمي باسم الحكومة إن مهلة الوساطة الأفريقية لقطاع الشمال تعتبر كافية لإستئناف التفاوض خلال الأيام القادمة، ودعا الحركة الشعبية لحل خلافاتها الداخلية التي تمثل أكبر معيق لتحقيق السلام بالمنطقتين، وأكد بلال جاهزية الحكومة لإستئناف التفاوض في أي وقت حتي ينعم أهل المنطقتين بأمن وإستقرار كاملين.
فيما قال عبد الرحمن أبو مدين عضو وفد التفاوض إن الذين قادوا التغيير في الحركة هم أبناء المنطقتين وتوصلوا لنتيجة مفادها أن قيادات الحركة (عقار وعرمان) لا يرغبان في السلام، وأضاف أن الوفد الجديد ليس لديه أي أجندة خارجية وغرضه تحقيق السلام لأنهم جاءوا من مناطق الحدث ويشعرون بالمعاناة ويدركون أهمية حاجه أهلهم في مناطق النزاع للإستقرار علي عكس عرمان الذي كان يتاجر بالقضية. وعلي ضوء ذلك فإن الخلافات والأحداث التي ضربت الحركة الشعبية قطاع الشمال ليست الأولي وحتماً لن تكون الأخيرة ، ومما لا شك فيه أن التغييرات التي حدثت داخل قطاع الشمال ستؤثر كثيراً في تفكك القطاع وستكون بداية التحلل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق