الثلاثاء، 20 يونيو 2017

تقليص يوناميد.. مؤشرات ودلائل مهمة!

قرار مجلس الامن الدولي الصادر مؤخراً بشأن تقليص البعثة المشتركة العاملة في مهمة حفظ السلام في دارفور والمعروفة اختصاراً بـ(يوناميد) بحيث يتم سحب 8 كتائب من قوة حفظ السلام، على ان يتم سحب متدرج للبعثة كلها؛ يمكن اعتباره مبدئياً واستراتيجياً حسماً لأزمة دارفور.
فمن جهة اولى فإن قرار التقليص يعني ضمناً إقراراً واضحاً من مجلس الامن بأن الاوضاع فى الاقليم ليست آخذة في التحسن فقط ولكنها قد تحسنت بالفعل لان سحب 8 كتائب ليس أمراً سهلاً بالمقاييس التى يقيس بها المجتمع الدولي الاوضاع الامنية.
ومن جهة ثانية فإن القرار يعني ايضاً صحة موقف السودان الذي ظل -لسنوات غالية- يدعو المجتمع الدولي لاعادة النظر فى قراراته وبحث استراتيجية خروج اليوناميد، بعدما ثبت ان الحكومة تسيطر على الاوضاع، وان وتيرة العنف قد تراجعت كثيراً جداً وهذا بدوره يعني ان المجتمع الدولي أحياناً يصم أذنيه عن الاستماع لحجة الاطراف المعنية دون أدنى مبررات موضوعية وأن الاحداث أثبتت ان السودان ظل دائماً يقف مواقف موضوعية، ولشدة وقوة هذه المواقف يضطرالمجتمع الدولي عاجلاً أم آجلاً للعودة اليها واخذها فى الاعتبار، وهنا لا بد لنا من الاشارة الى ان ما ظل السودان يقوله من أن الحركات المسلحة هي أس البلاء وزيادة وتيرة العنف تأتي منها تثبت أنه قول صحيح فما ان ألحقت قوات الدعم السريع تباعاً هزائم مريرة بالحركات المسلحة حتى بدا واضحاً ان الاقليم تحت السيطرة وأن الحركات المسلحة المنشغلة بالصراعات فى دول الجوار، دولة جنوب السودان وليبيا، هي حركات مرتزقة ومليشيات تحترف المقاولات الحربية.
 ومن جهة ثالثة فإن عملية التقليص التى تعني في جانب منها إنفاذ استراتيجية الخروج فعلياً يمكن اعتبارها بداية ليعيد المجتمع الدولي النظر في نظرته لما يجري في دافور، فهي ليست حرباً اهلية بالمعنى القانوني وإنما هي اعمال عنف لاهداف وغايات مبهمة أضرت بالمنطقة بلا طائل.
ومن جهة رابعة فإن الضروري ايضاً ان يعيد المجتمع الدولي قراءة الاحداث متصحباً هذا التطور الايجابي المهم، بحيث يعاد النظر في توصيف الازمة وملابساتها وما أفضت اليه من إحالة الاوضاع الى محكمة الجنايات الدولية فالثابت الآن أن الحركات المسلحة التي تعبث بأمن دول الجوار ما تزال حرة طليقة غير ملاحقة، بينما جرت ملاحقة مسئولين سودانيين! إذ ان التساؤل هنا يدور حول الوضع القانوني لهذه الحركات المسلحة المتسببة في الجرائم والاحداث التي وقعت ولا تزال تمارسها في دول الجوار، بينما اقتصرت اجراءت محكمة الجنايات الدولية –في انحياز تام– على ملاحقة المسئولين الحكوميين!
 إن قرار سحب قوات اليوناميد يقتضي ايضاً بداية سحب ما ترتب على استجلاب هذه القوات، فالمجتمع الدولي يخطئ ويصيب، وفى حالة الخطأ لابد من التراجع وتصحيح الاوضاع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق