الثلاثاء، 28 أبريل 2015

قطاع الشمال يفشل في الإفشال!

أسقطت مدافع الكاتيوشا التي أطلقتها قوات قطاع الشمال على بعض المناطق في ولاية جنوب كردفان أثناء الاقتراع الأسبوع قبل الماضي حوالي 103 قتيل وعدداً من الجرحى والمصابين، المؤسف في الأمر أنهم من النساء والأطفال وكبار السن!
قوات قطاع الشمال -ومع سبق الإصرار- تعمدت إسقاط الأبرياء بتوجيه فوهات مدافعها باتجاه مراكز الاقتراع سعياً منها لمنع الناخبين من ممارسة عملية الاقتراع. ولا شك أن الهدف الرئيسي من تلك القذائف كان إفشال العملية الانتخابية، وتصوير الأوضاع في المنطقة بأنها غير آمنة ولا تصلح لقيام انتخابات عامة.
نجاح قوات القطاع في إسقاط مواطنين أبرياء، يقابله على الجانب الآخر فشل ذريع وتاريخي في إفشال العملية الانتخابية، بل إن من سوء حظ قطاع الشمال أن قذائفه الموتورة إرتدت عليه بنتائج كارثية عكسية، إذ انه، أولاً، أثبت للكل أنه كقطاع مقاتل تقلصت قدراته العسكرية تقلصاً كبيراً بحيث انحصرت فقط في تفريق وتفريغ مراكز الاقتراع من الناخبين!
بالكاد فإن القطاع نجح في مرة واحدة وفي مركز أو مركزين! وهو أمر يكشف أن قدراته العسكرية تواضعت للدرجة التي لم تمكنه من إغلاق كافة مراكز الاقتراع في ولاية جنوب كردفان، باعتبارها الولاية التي جعل منها ميدان الحرب الرئيسي له! قوات القطاع فقدت القدرة على ممارسة العمل العسكري على رقعة القتال التي اختار إطلاق أول طلقة منها!
ثانياً، الهجوم أثبت أيضاً أن العملية الانتخابية تعتبر لدى قطاع الشمال خسارة سياسية كبرى فهو استشعر فداحتها إذ أنها تعني -ببساطة شديدة- تفويضه، وهنا ربما يقول قائل إن أهل الولاية -من الأساس- لم يكونوا قد فوضوا القطاع للقيام بهذا العمل العسكري نيابة عنهم، وهذا صحيح، ولكن القطاع لم يدرك هذه الحقيقة المريرة والموجعة إلا حين فوجئ بأعداد كبيرة من الناخبين من مواطني الولاية يقفون قبالة مراكز الاقتراع.
الهزيمة المعنوية في هذه النقطة واضحة كالشمس، فقد أدرك القطاع بعد فوات الأوان ألا أحد معه، وهذا دون شك شعور مؤلم للغاية لم يجد القطاع وسيلة للترويح عن شعوره المؤلم هذا إلا بصب موجات من الدانات السياسية على رؤوس الذين أسقطوه من حساباتهم!
ثالثاً، الهجمات أيضاً زادت من رقعة خيبة القطاع حيال طبيعة علاقاته بمواطني الولاية، فلو كان صحيحاً ولو بنسبة 1% أن القطاع وثيق الصلة بمواطني الولاية وأنه (خيارهم الوحيد) فقد كانت تكفيه (منشورات سياسية) يوزعها عليهم يحرضهم فيها على مقاطعة مراكز الانتخابات، أما وأن يضطر القطاع لإطلاق دانات ويسقط ضحايا فهذا معناه ببساطة أن القطاع يحارب أهل ولاية جنوب كردفان بالدرجة الأولى قبل أن يحارب السلطة المركزية في الخرطوم.
رابعاً، أسوأ ما بات يؤلم قادة القطاع أنهم وحتى مع مدافعهم التي أطلقوها والخسارة السياسية الباهظة التي تكبدوها إلا أنهم لم يحققوا هدفهم! فالعملية الانتخابية سارت سيرها الطبيعي ومارس مواطنو الولاية حقهم في الاقتراع ولم تؤثر الدانات على السير العام للعملية والنتيجة النهائية. الخسارة هنا مزدوجة، مرة حين أسقطت أبرياء بدون ذنب ومن ثم حولت كل أهل الولاية -بالضرورة- إلى أعداء وخصوم لها! ومرة حين سارت العملية سيرها المعتاد ولم تنجح المدافع كما كان مأمولاً في إيقافها!
وهكذا يمكن القول إن الفشل الذي ظل ملازماً لقطاع الشمال طيلة سنوات الحرب الأربعة التي اختارها ولم ينجح خلالها في تحقيق أية نجاحات ولو إعلامية، توَّجته داناته التي أطلقتها في محاولات يائسة لوقف عملية انتخابية يعلم هو أنها بصدد خلق واقع سياسي جديد أشد أثراً وتأثيراً عليه! فحتى في الإفشال فشل قطاع الشمال!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق