الأحد، 26 أبريل 2015

الترويكا .. محاولة غربية يائسة للتعويض

جاء بيان الترويكا الغربية «الولايات المتحدة، بريطانيا والنرويج»حول الانتخابات والتشكيك فيها، بمثابة محاولة غربية يائسة لتعويض ما فقد من المخطط المدمر للبلاد في أمنها واستقرارها، وبعدما أقنت هذه الدول بفشل وعجز المعارضة السياسية والحركات المتمردة عن تعويق وتعطيل الانتخابات.فالشواهد تقول أن هذه الدول الثلاث لم تكن بعيدة عن أعمال القصف وترويع الآمنين قبل وأثناء عملية الاقتراع في ولاية جنوب كردفان، فهذه الدول كانت تهدف في الأساس وبشكل متسارع إلى وقف العملية الانتخابية ووأدها في مهدها.. وهذه الدول الحاقدة هي من يمول ويدعم ويحفز ويشجع ما تسمى الجبهة الثورية وقوات الحركة الشعبية قطاع الشمال لمواصلة حربها في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور.
تنادي هؤلاء الدول الثلاث إلى قيام انتخابات نزيهة بالسودان وهي لاتملك مؤهل أخلاقي للمنادة بذلك فالمؤهل الأخلاقي الأمريكي، لا يؤهل أمريكا أصلاً، حتى تكون قيمة على حقوق الإنسان او وصية على المكارم، ويشد بذلك تاريخها الأسود الصحاف، الدامي الزعاف بالقتل والعدوانية، والإبادة، ليس فقط في حق المواطنين الأصليين من سكان البراري الأمريكية من الهنود الحمر فحسب، ولكن ما من شعب في الأرض إلا وطال أثوابه الشرر الأمريكي، فاليابان وكوريا الشمالية وفيتنام ودول الجوار في أمريكا الجنوبية، وكوريا والعراق وأفغانستان واليمن والصومال والسودان كلها ذاقت ويلات العدوان الأمريكي، بل ما يزال المجتمع الأمريكي نفسه يعاني الفوارق العرقية، والتقسيمات الطبقية، وقهر السود والملونين لصالح البيض الأوربيين، (برغم وجود رئيس اسود). كما تدعم هذا الاتهام شواهد التجاوزات في السجون في أبو غريب، وغوانتنامو. والسجون السرية في أوروبا وبعض الدول الأخرى، وملفات جهاز الـ(سي.آي. إيه) الملونة بدماء كل من يظن به شأن يخالف مقاصد الأمن القومي الأمريكي ولو كان أمريكياً خالصا كما شهد احد ضباطه باعترافه بقتل 37 شخصاً خلال سنوات خدمته الـ42.
أما بريطانيا فصاحبة الملف الاستعماري الأكثر دموية في التاريخ، من الصين والهند وشرق آسيا والدول الأفريقية ومنها السودان حيث جثت على صدره (ستين عاماً) كرست خلالها الجهل، وباعدت بين مكونات المجتمع بالترتيبات الإدارية الممنهجة، وسرقت الموارد وأسرفت في القتل والإجهاز على الجرحى في معركة كرري، واستخدمت الحرب الإحيائية المحرمة (جرثومة الجدري في الساردين المعلب)، لتبيد حملة بأكملها في معارك أبو طليح، وسعت لإشعال الحرب الأهلية في السودان، وزكتها خمسين عاماً حتى أدت إلى انفصال الجنوب، وموت واستشهاد مئات الآلاف من الأبرياء، وتدمير وطن بحاله ومع ذلك لا تستحي وهي تمتقع من مجرد سماع أنباء عن انتخابات في السودان، وتقول إنها ليست معياراً صادقاً للتعبير عن الإرادة السودانية.
أما النرويج فلا يدرك لها أثر كبير، غير أنها (مطبخ)تعبث فيه الأيادي لصنع القرارات المصيرية بالأمم المستهدفة، حيث ارتبطت العاصمة (أوسلو) بأكبر خيانة للقضية الفلسطينية) الآن في مفترق طرق، وأهل واختيارات، فالمواجهة محتدمة بين فرقاء فلسطين، وحلم الدولتين، غيبة (المتطرف نتنياهو) وكل هذا الويل، من تحت أردية النرويج الباردة.
عموما فإن انتقادات الترويكا الغربية للانتخابات السودانية تعني شيئاً واحداً فقط، هو أن ما صدر عنها هو انتقادات مباشرة لكل الجهات الإقليمية والدولية التي لم تشهد إلا بما رأت وعلمت من انتخاباتنا.. فأي نفاق دولي وتحريض على الفوضى الذي نراه في سلوك الترويكا وغيرها ، والانتخابات والعملية الديمقراطية من حيث هي كوسيلة لتداول السلطة بين الأطياف السياسية في السودان، فتبقى شأناً داخلياً وممارسة سيادية، إذا كانت (الترويكا) أصلاً تعترف بسيادة السودان كدولة، أو تلتزم القيم الدبلوماسية في التعامل مع دولة عضو في الأمم المتحدة، كاملة الأهلية، والسيادة لكنها النظرة الفوقية، الاستعلائية الوقحة إذا تعتبر (الدول الثلاث) أنها ولية النظام الدولي، وعرابة الممارسة الديمقراطية وغيرها من الوهم الكذبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق