الاثنين، 27 أبريل 2015

العمود الأخضر..!!

أعتقد أن من أولى أولويات المرحلة المقبلة عقب انتهاء الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة وانطلاق الدورة الجديدة للحكم، العمل بأي شكل وطريقة على التوصل إما إلى تسوية سياسية سلمية مع حاملي السلاح وطي هذا الملف، وإن لم يتيسر ذلك فلا مناص من حسم عسكري مهما بلغت كلفته، يزيل مهددات الجبهة الثورية وأوضار المتمردين من على البسيطة الوطنية، ذلك أن هذا التمرد بات الآن أكبر أكبر ملوث للبيئة السياسية بالبلاد، ودونكم أن غالب مشروعات التوافق الوطني بين القوى الحزبية تضررت بشكل أو بآخر من مزايدات أولئك المتمردين، وهو الوضع الذي فاقم منه ضعف الشخصية الحزبية بالمعارضة بالداخل وهوانها على نفسها وعلى الآخرين.
محاصرة التمرد سياسياً وإعلامياً وأمنياً عملية يجب أن تكون هماً عاماً ووطنياً، وقد قلت من قبل وفي هذه المساحة نفسها أنه من المهم سد ثغرات في جنبات الوطن، هي التي تطيل أماد الحروب ببلادنا، فمعروف مثلاً أن منفذ الجاو وبحيرة الأبيض لا يزال خطأ خلفياً لإمداد التمرد بجنوب كردفان، فيما يبقى بعض أجزاء ولاية جنوب دارفور، ويعلم السكان المحليون ببعض المحليات، أن حركتي العدل والمساواة و"ومني أركوي" تتحركان من وإلى منطقة شرق الجبل ذهاباً وعودة من جنوب السودان، ولهذا يمكن اعتبار مناطق مثل (تجريبة) و(دفاق) و(لفرش) و(كندي) و(العمود الأخضر) بجنوب جنوب دارفور معابر متوقعة لمثل أحوال العبور، التي يناهضها السكان المحليون قدر استطاعتهم، لكن المطلوب جهد دولة بدافع تأمين الأمن القومي من خروقات التمرد المدعوم من جنوب السودان أو بعض الدوائر فيه.
الآن وبعد أقل من خمسة أشهر من قولنا هذا وإشارتنا تلك عينها تتواتر الأنباء عن تسلل مجموعات من المتمردين بذات الأنحاء للاندفاع عن جنوب السودان إلى دارفور، وتحليلي أن التمرد في الإقليم الكبير وبعد أن تعرض لضربات قاصمة يلفظ أنفاسه الأخيرة إن لم يكن قد مات، وتحاول القوة المتسللة إحداث تغييرات على كفة الميدان، بالاستعانة بقوات حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة القادمة من جنوب السودان، وقطعاً فإنها ستكون حسنة التسليح والتشوين إذ إن الغرض سيكون إما استهداف مدينة كبرى بجنوب دارفور أو الاندفاع للعبور نحو أقاصي شمال دارفور وكله بغرض إحداث اضطراب تثبت به الحركات أنها لا تزال قادرة على الفعل، لأن الحقيقة الظاهرة الآن أن التمرد قد قضى عليه بدارفور ولا يملك سوى جيوب غير ذات تأثير وتهديد.
الجديد في أحداث (العمود الأخضر) أن القوى المتسللة قد وقعت في فخ وتحت بطش أبنائكم الأوفياء الأنقياء من أبناء الجيش وقوات الدعم السريع و(الاستفادة حاصلة) وسيخسر التمرد قوة كبيرة تسحق الآن بهدوء، لكن هذا يجب ألا يعفي الناس من فحص كل الثغرات وسدها لأن هذا هو المدخل للقضاء على التمرد أو إجباره على الجلوس للمفاوضات كخيار وليس تكتيكاً كما كان يفعل قادته السياسيون عادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق