الخميس، 30 أبريل 2015

جدل حقوق الإنسان .. منهجان..!

الجدل الدولي في قضايا حقوق الإنسان فيه حتى الآن منهجان، ربما توجد محاولات متفرقة هنا وهناك ولكنها لم تتحول بعد إلى منهج ثالث.
المنهج الأول يقدم الحقوق السياسية والمدنية، ويقدم الحقوق الفردية على الجماعية، وهو منهج علماني فردي قمح، لا يقبل أي مزاحمة بين الحقوق الفردية المدنية والسياسية .. ويعتبر الحق في التنمية وحتى الحق في البيئة محاولات لتشتيت النضال لانتزاع الحقوق الفردية لأحاد المواطنين من الأنظمة القهرية.
حتى داخل مفهوم آحاد المواطنين فإن لديه خيار وفقوس .. فهو مع المرأة ضد التمييز الذي يمارسه المجتمع الذكوري ومع العامل لأنه الطرف الأضعف .. ومع الشاذ لأنه الطرف المقموع ثقافياً واجتماعياً . . ومع الأقليات ضد هيمنة الأغلبية ولو بالديمقراطية، ومع الحيوانات ضد الآدميين لذلك كلما كان هنالك تطرف في المنهج العلماني الفردي كلما كان أحسن ... حتى يكافئ التطرف في الظلم والقهر الذي مورس على الطرف الأضعف..!!
المنهج الثاني .. وبسبب النقاش الكثيف مع المنهج الأول .. وبسبب التحالف الغربي الذي يستخدم المنهج الأول لزعزعة الاستقرار في الدول الأضعف أو الدول المنافسة له مثل الصين حتى وإن لم تكن ضعيفة أو مستضعفة .. فإنه صار أميل لتقديم الحقوق الثقافية والجماعية و قضايا التنمية والبيئة على الحقوق الفردية المدنية..!
من هنا ظهر النزاع في إعلان فينا مطلع التسعينات وصارت هنالك قضايا خلافية في حقوق الإنسان ولم يعد القول ما قالت حذام الغربية حسب المنهج الأول ... إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام..!
يميل التفكير مباشرة ... للتوفيق .. ولكن بكل أسف (وهذا يؤكد أن المشكلة كبيرة) الصرف على حقوق الإنسان صرف حكومي مباشر أو عبر قنوات وأذرع وواجهات ... فالمنهج الأول ممول غربياً ولا يرغب أصحابه إطلاً في الحديث لصالح المنهج الثاني أو دعم مؤسساته إلا من باب انتزاعها وتحويل وجهتها أو تحييدها على الأقل ... ولديهم في ذلك تبرير واضح للغاية .. وهو أن التعبير عن الحقوق الجماعية والثقافية وقضايا التنمية لا يتم إلا في مجتمع ديمقراطي .. والديمقراطية لا تتحقق إلا في نظام فردي علماني .. وبعد ذلك يستطيع الفرد والمجتمع الحر التعبير عن نفسه وتنظيم الحقوق الأخرى .. ولكن في ظل حكم غير ديمقراطي فإن التعبير الحر السليم غير موجود وعليه فإن التعبير و تنظيم الحقوق يتم لصالح فئة من المجتمع وليس كله، ولذلك الحديث عن الحق في التنمية مرفوض ودعم أي نشاط في ذلك مرفوض إلا إذا كان يمكن استخدامه حصان طروادة..
المنهج الثاني يري أن الرفض الغربي لقضايا التنمية سببه هو الرغبة في إبقاء الشعوب الفقيرة والمستهلكة دون أي تنمية أو نهضة وأن الحكومات الغربية تديرها شركات كبرى وتحركها مصالح إستراتيجية ترغب في الإبقاء على شعوب العالم الثالث مستودعاً للثروات والموارد وأسواقاً لاستهلاك المنتجات والتكنولوجيا من الدول الصناعية الكبرى.
ويري المنهج أيضاً أن ممارسة الديمقراطية الكاملة والحرية السياسية على النمط الغربي في مجتمعات مازالت تعاني من قبلية وفرز أثني وضعف تنموي وجهل وتخلف في بعض المناطق سيؤدي لا محالة إلى تفكيك الدول والمجتمعات ولذلك لا بد من تنظيم الحرية والحد من الانفلات باسم الحرية .. والتقدم بالمستوى التنموي ليظهر الخيار الحر والحقيقي للمواطن ويصل إلى مستوى مقارب إن لم يكن مماثل للمجتمعات الغربية..!
ويري أن الديمقراطية مرت بمراحل .. وعلى الآخرين المرور بمراحل...!
ويستمر الجدل .. تستمر محاولات التوفيق .. منها ما هو ذكي وواقعي ومنها ما هو مجرد أحلام وأماني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق