الخميس، 30 أبريل 2015

المهدي في أحد تعاساته السياسية!

على كثرة الأحداث التي يمكن استشفاف سوء طالع السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي من خلالها، إلا أن التطورات الأخيرة التي شهدها السودان في العام الماضي 2014 ومطلع العام الحالي والاستحقاق الانتخابي الذي جرى قبل أيام يمكن اعتبارها بمثابة قاصمة الظهر السياسي للسوداني الأكثر فشلاً في اتخاذ المواقف السياسية الصحيحة في التوقيت الصحيح.
وعلى الرغم من أن المهدي كشف مؤخراً في أحد مقالاته الصحفية من منفاه الاختياري بالعاصمة المصرية القاهرة -في اعتراف تاريخي نادر- أن واحدة من أكبر كبواته السياسية أنه ولج معترك الحياة السياسية من بوابة رئيس وزراء وهو في سن الثلاثين عاماً! وربما بدا صعباً على الرجل الإشارة إلى الملابسات (غير الديمقراطية) التي ولج بها إلى رئاسة الحكومة في ستينات القرن الماضي وهو بلا خبرة ولا تجربة ولا حنكة إلا من كونه من آل بيت المهدي! على الرغم من ذلك إلا أن كبوته الأخيرة التي جعلته يخرج من مضمار التطورات السياسية السودانية المتمثلة في الحوار الوطني والاستحقاق الانتخابي هي دون شك الأسوأ في تاريخ الرجل، وبإمكاننا الآن أن نتمعن في الخسائر التي جلبها لنفسه دون أن يكبد خصومه أي عناء.
أولاً، ما كان بوسع المهدي الحصول عليه في الفترة التي سبقت الاستحقاق الانتخابي وعلى مائدة الحوار الوطني قبل أشهر لم يعد متاحاً الآن، ففي ذلك الحين كان بإمكان الرجل على أدنى تقدير الحصول على تحالفات سياسية أكثر فاعلية تتيح له إعادة طرح حزبه على الاختبار الجماهيري وهو في مأمن من أي احتمالات هزيمة في ظل المتغيرات السياسية التي جرت داخل حزبه وأفضت إلى شروخ وخلافات معقدة وفى ظل تآكل جماهيرية الحزب في معاقله التاريخية.
الآن هذه السانحة يمكن القول إنها ضاعت تماماً فقد ظهر لاعبون جدد في الملعب السياسي، وظهرت ظاهرة المرشحين المستقلين ونجح الوطني هو الآخر في معرفة مكامن قوته وضعفه وأين عليه أن يسد الثغرات وماذا يتعين عليه أن يفعل لتفادي ما حدث. المهدي الآن تسلل الخوف إلي قلبه وهو يرى كيف تبدلت وتغيرت الأمور في الدوائر القديمة!
ثانياً، العملية الانتخابية التي خشي المهدي من أن لا تأتي نزيهة وشفافة جاءت نزيهة وشفافة بدليل أن الوطني خسر فيها دوائر مهمة، وهذا الأمر يضعف إلى حد التلاشي حجة الرجل الداعية إلى مقاطعة العملية. الآن يدرك الرأي العام أن المهدي في الواقع كان مخطئاً حين أحجم عن خوض العملية مخافة عدم نزاهتها، ومن ثم فإن عليه أن يبحث عن حجة أخرى ويتجلى سوء موقفه أكثر عند اضطراره -عاجلاً أم آجلاً- للجلوس والتحاور مع الحكومة الجديدة، فهو سوف يزيد من إضعاف موقفه حين يتحاور مع حكومة منتخبة والمهدي -لمن لا يعرفه عن قرب- تتجلى قمة تعاسته في مثل هذه المواقف الصعبة.
ثالثاً، التحاور مع حكومة منتخبة بشرعية طازجة شهد عليها الاتحاد الإفريقي سوف يتحول إلى نقطة ضعف مركزية للسيد الصادق المهدي لأنه في الواقع لن يجني شيئاً جديداً، ففي خاتمة المطاف عليه الاستعداد للدورة الانتخابية الجديدة والتي ستكون أكثر صعوبة عليه وفقاً لما ذكرناه آنفاً.
هكذا هي مواقف الرجل السياسية، دائماً هو في المكان الخطأ في التوقيت الخطأ ودائماً هو وحده من يزيد الأعباء على كاهله!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق