الخميس، 17 مايو 2018

هل تعي المعارضة السودانية هذا الدرس؟

بدلاً من أن تتجه احزاب وقوي المعارضة السودانية لإقامة  تحالفات سياسية اثبتت الاحداث ولاكثر من 20 عاماً أنها لا تصمد لاشهر ولا تحقق اهدافها و تنتهي غالباً بخلافات و شتائم وعداءات كما رأينا؛ فقوى الاجماع، والجبهة الثورية، جبهة الخلاص الوطني والجبهة العريضة، و قوى نداء السودان، وأخير قوى الاصطفاف الوطني، بدلاً من كل هذا الهدر للوقت والجهد، فان حزب المؤتمر السوداني المعارض على اية حال أنار لهم جانباً من الطريق!
فكما هو معروف فان حزب المؤتمر السوداني اطلق دعوة واقعية لكي تتوسل قوى المعارضة بصناديق الاقتراع وسيلة للتغيير. المنطق السياسي الذي أطلقه حزب المؤتمر السوداني بلا شك اقوى الف مرة من الاساليب التى ما فتئت قوي المعارضة السودانية تتبعها و تكررها بين حين وآخر، ثم تفشل ثم تعود لتكررها مرة اخرى.
ان منتهى أمل وطموح شعب السودان ان يصبح التداول السلمي للسلطة هو العماد الذي تقوم به حياته السياسية وهذا يستوجب عدد من الامور الاساسية المهمة:
أولاً، ان تنشغل القوى السياسية بإعادة تنظيم صفوفها وترتيب بيتها الداخلي جيداً و نظافته من شوائب الخلاف و الصراعات وتختبر مدى درجة مقبوليتها لدى المواطنين. هذه النقطة مهمة إذ انها هي التى تقوم بعمارة الحياة السياسية وتوجيهها التوجيه الامثل الذي يجعل من الاحزاب السياسية كائنات حية قادرة على طرح نفسها عند الطلب، و مدركة لطبيعة الواقع، وتمتلك برامج و رؤى موضوعية من الممكن ان تحدث فرقاً.
ثانياً، ان تبذل القوى السياسية جهداً مقدراً –كلٌ بما يستطيع– لاشاعة روح التوافق و التداول السلمي للسلطة، والقاء السلاح. لو أن القوى السياسية الموجودة الان في الساحة السياسية تعرف معنى المسئولية الوطنية لبذلت جهداً خالصاً لتنزع ثقافة حمل السلاح من الحركات المسلحة في الاطراف، إذ انه وبدلاً من التحالف معها واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية ضد السلطة الحاكمة؛ كان من الافضل اقناع هذه الحركات بضرورة اخراج منطق السلاح من الساحة السياسية السودانية تماماً، بحيث يتم تنظيف الممارسة السياسية من كل شوائب العمل المسلح .
ثالثاً، ان تنظر القوى السياسية إلى سياج الدولة السودانية وليس إلى سياج الحكومة، فسياج الدولة السودانية يجب ان يظل قوياً، آمناً بعيداً عن الاستهداف، بعيداً عن المزايدة، وهذا من شأنه ان يوفر اعمدة خرصانية قوية تقوى دعائم بناء الدولة السودانية، بحيث تأتي الحكومات و تمضي دون أن يتأثر أثاث الدولة ولا تنقص ارضها شبراً ولا يعلو سقفها سقفاً ولا يدخل من بابها دخيل.
وفي واقع الامر فان الوضع الراهن في السودان بمثابة فرصة مواتية كي تغير القوة السياسية ما بنفسها، اذ ليست أيّ ازمة اقتصادية تفضي إلى التغيير أو اسقاط السلطة الحاكمة لان الكثيرين -بما في ذلك قادة القوى السياسية- يجهلون أو تجاهلون ان انزلاق الدولة إلى ازمات امنية وبعثرة محتوياتها أسوأ وأكثر خطراً من مجرد ازمة عارضة عابرة بالامكان احتوائها ببضع تدابير اقتصادية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق