الثلاثاء، 22 مايو 2018

الجيش السوداني في اليمن.. الحق والواجب!

حينما اعلنت الحكومة السودانية عن عزمها تقييم أداء الجيش السوداني ضمن قوات التحالف التى تقاتل المتمردين الحوثيين، جاء ذلك في سياق عادي للغاية لان من الطبيعي ان تجري عملية التقييم لاي عملية عسكرية وتعزيز الايجابيات و التغلب على السلبيات.
المدهش في الامر ان البعض سرعان ما أعتبر عملية التقييم هذه بمثابة (إعادة نظر) في المشاركة برمتها وأنها خطوة تسبق سحب القوات. لم يقل أحد في الحكومة السودانية او رئاسة الاركان السودانية ان السودان بصدد تقييم مشاركته واعادة النظر في جدواها توطئة لسحبها.
ومع ذلك فان ما شاع وما لا زال يشاع عن أن السودان زاهد في المشاركة في العملية، وهناك بعض آخر زعم ان الامر بمثابة (مناورة) يحاول السودان من خلالها ان يحصل على مكاسب مادية. والواقع ان من يعرف طبيعة السودانيين ويعرف دخيلة الجندي السوداني و الثقافة العسكرية السودانية قديماً وحديثاً يعرف ان الجندي السوداني لا يقبض ثمناً مقابل واجب وطني وقومي. والشواهد في هذا الصدد لا أول لها ولا آخر.
عشرات المشاركات العسكرية قدمها السودان في إطار العمل العربي المشترك في كل الحروب العربية في المنقطة، ولم يكن قط هدفه من ورائها الحصول على مقابل مادي. سطور التاريخ اشارت الى ان محمد علي باشا حين قرر فتح السودان عام 1821كان هدفيه الرئيسيين (المال والرجال) فهو كان يعلم ان السودان فيه مناجم ذهب، وفيه جنود و رجال مقاتلين اشاوس.
ووضع الرجل نصبب عينه هذه الميزة السودانية. الثورة المهدية التى اقلقت العالم في القرن التاسع عشر قامت على مهارة الجندي المقاتل السوداني وشجاعته منقطعة النظير؛ وكان مدهشاً حقاً ان تجري ابادة حملة عسكرية شديدة القوة وجيدة التسليح قوامها اكثر من 5 ألف جندي وهي حملة هكس باشا في غابة شيكان.
الحرب العالمية الاولى والثانية ايضاً ظهر فيها الجندي السوداني بمهارته المدهشة. واستطاع هذا الجندي ان يكتسب سمعة مهنية رائعة امتزجت بالخلق القويم والاخلاق وقواعد القتال. كل الحروب العربية من لدن حرب 1948 ثم 1956 ثم 1967 ثم حروب الاستنزاف وحرب 1973 قدم فيها الجندي السوداني عصارة مهارته المهنية وحمى ظهر اشفائه في المنطقة بأمانة واخلاص نادرين. هذه لمحة تاريخية ضرورة لفهم و استيعاب طبيعة الثقافة العسكرية السودانية.
الجيش السوداني جيش مهني عريق، يمتلك اصالة ضاربة في الجذورة ويتمسك بقواعد واخلاق القتال بصورة فريدة . وحين قرر السودان المشاركة في عاصفة الحزم واعادة الشرعية في اليمن لم يفعل ذلك وعينيه على المال او المقابل. فعل ذلك من واقع التزامه اقمية وشعوره بحماية مكتسبات امته ضد العدو القريب و العدو البعيد!
والآن حين قرر تقييم الاداء والمشاركة فهو ايضاً إنما يفعل ذلك استناداً إلى خبرته ومراجعته الثغرات وقراءة الوقائع على الاض. لا أحد يزايد على الجيش السوداني او يقترح عليه متى يشارك و لماذا يشارك وما هي فوائد مشاركته. لا أحد على الاطلاق!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق