الأربعاء، 24 يناير 2018

تساؤلات مشروعة عما يجري في (ساوا)؟

عقلاً و منطقاً، من المستحيل ان يرى السودان أسلحة مصرية حديثة وقوات  يتم نقها الى منطقة (ساوا) الحدودية بين السودان وارتريا بحيث يتم تحويل المنطقة الى قاعدة عسكرية و ترسانة حربية و يجلس منتظراً، أو يصدق تصريحات الرئيس المصري السيسي الناعمة وأحاديث افورقي المثقلة بالتساؤلات.
من الطبيعي ان يستعد السودان لأي طارئ من الممكن ان تفضي اليه الوضع الجاري حالياً، ولهذا فان قرار السلطات السودانية إغلاق الحدود مع ارتريا و تعزيز القوات السودانية على الجبهة الشرقية، إجراء تحوطي مطلوب بشدة إذ ان الأمن القومي لأي بلد تؤخذ فيه الأمور مهما بدت مستبعدة او نادرة على محمل الجد؛ خاصة و ان للسودان تجربة قاسية مع ارتريا في تسعينات القرن الماضي حين تجاوزت اسمرا كل الأعراف الدولية وفتحت أراضيها للمعارضة السودانية المسلحة وأصبحت قاعدة انطلاق العمل المسلح النشط ضد السودان.
ان قيام السودان بإتخاذ هذه الخطوات الاحترازية إجراء ضروري لصيانة أمنه القومي . وهو في ذلك يتحسب -وهذا حقه- لأسوأ الاحتمالات، ان الأمر  يبدو في مجمله مثير للاستغراب، فالقاهرة ظلت تعادي السودان طوال سنوات مضت من واقع احتلالها لأرضه في مثلث حلايب. وهو احتلال يعتبر بمقاييس القانون الدولي بمثابة إعلان حرب وعدون على السيادة الوطنية للسودان ، خاصة في ظل رفض مصر لأي تفاوض او تحكيم طالما أنها تدعي أنها صاحبة حق في السيادة على المثلث.
هذه الاحتلال المصري لأرض سودانية و العمل  على تمصيرها وتركيز القوة العسكرية عليها يشي بأن مصر لا تكترث قط لما يمكن ان يؤدي إلى صدام محتمة بينها وبين السودان. احتلال مصر لمثلث حلايب بالقوة يحمل مؤشراً واضحاً  على ان مصر من الممكن ان تطلق النار على صدر السودان و تنال انه.
لذا حين يقول الرئيس المصري إن بلاده لا تستهدف لا السودان ولا إثيوبيا ، ولا غيرهما في المنقطة ؛ فان الرجل يزيد الأمر غموضاً. و يدفع المراقبين و المحللين السياسيين للاستغراب، لان وجود قوة عسكرية مصرية و طائرات حديثة في منطقة كهذه ، يعني ان هناك (عدو) في ذات المنطقة، و الذين هم في المنطقة بحكم الجغرافيا السودان وإثيوبيا، فيا ترى ما هي دواعي إحضار كل هذه القوة، و بهذه الكثافة في المنطقة و ليس هناك عدو محتمل فيها؟ هل تصلح منطقة حدودية و شريط حدودي صغير كهذا لمحاربة (قوة خارجية) في منطقة جغرافية بعيدة عن المنطقة ؟
وإذا كان الأمر كذلك -ولنفترض ان مصر تستهدف عدواً بعيداً- هل من الطبيعي إحضار قوات ومعدات في حدود دولة جارة دون التنسيق مع السودان؟ بل ولندع كل ذلك ولنفترض ان مصر تود فقط إنشاء قاعدة عسكرية تراها ضرورية لأمنها في المنطقة؛ هل بإمكاننا ان نتصور ذلك دون إخطار السودان (العمق الاستراتيجي لمصر)؟
الأمر في أوله و آخره يتسم بغموض محير، وفى الغالب فان مثل هذه الغموض المحير يفضي الى عواقب وخيمة يأمل كل المراقبين أن يحسم الرئيس السيسي- قبل الرئيس أفورقي- ادارك كل جوانبها قبل فوات الأوان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق