الثلاثاء، 23 يناير 2018

الحزب الشيوعي السوداني.. اللياقة لا تسمح بهذه القفزة!

العقد النفسية السياسية للحزب الشيوعي السوداني -وهي عقدة تاريخية معروفة- ما تزال تحكم قبضتها بقوة على خناق هذا الحزب الطاعن في السن القريب من القبر! فالحزب الشيوعي السوداني المدفوع بغبن الماضي الأليمة في مايو 1969 والذي أفقدته تماماً وجوده السياسي و ما يزال يجتر ذكرياته محاولاً ان يصنع منها حاضراً ولو خجولاً يداري له سوءته! اذ أن ما يؤلم هذا الحزب انه لا يمتلك سجلاً سياسياً ديمقراطياً، فعلاوة على طبيعة التكوين الشمولي للحزب في كل بلدان الدنيا و إحكامه قبضة حديدية، فان الحزب الشيوعي السوداني لم يكن مسروراً قط بتجربته البائسة في التعددية السياسية، فقد كان أقصى ما يحرزه في السباق الديمقراطي عضويين او ثلاثة على أقصى تقدير!
و الحزب الشيوعي  السوداني له سجل حافل مطلع مايو 1969 بعمليات التطهير و التأميم و النهج الأحمر الذي لم ينبت غرسه قط في التربة السياسية السودانية و زاد الطين بلة أنه وحين غامر في 19 يوليو 1971 بكل شيء و فقد كل شي، من يومها عاش كسيحاً مدفوعاً على عجلات إعاقة سياسية لا تتيح به الجري ولا المشي و الحركة .
والأكثر ألماً ان الحزب عقب 30 يونيو 1989 أفتضح أمره تماماً و سقط تكتيكه  الخاص بالتخفي و النزول تحت الأرض، فقد فوجئ سكرتيره العام الراحل محمد ابراهيم نقد بأن الأجهزة الأمنية تعرف مخبؤه الأمين، و تفاجأ برئيس جهاز الأمن حينها يدخل عليه في مخبئه باسماً!
وليت الأمر وقف عند هذا الحد، محاضر الحزب الشيوعي و اجتماعاته السرية ملأت الآفاق، ففقد الحزب بريقه التنظيمي و الحركي ولم تعد له تلك المهارات الأسطورية. ثم جاءت ثالثة الأثافي حين كتب السكرتير العام ، الراحل نقد بمداد من اليأس و البؤس وكراهية الحال الذي هم فيه عبارته لشهيرة في ميدان التظاهر وسط العاصمة الخرطوم (حضرنا ولم نجدكم)!
بهذا التاريخ المثقل بالمخازي والأوجاع والفضائح جرجر قادة الحب الشيوعي السوداني أقدامهم للتظاهر ضد الأوضاع الاقتصادية في السودان. فالحزب الشيوعي يعتقد انها سانحة جيدة للتخلص من عقدته النفسية السياسية المهلكة! وكان يأمل ان يتجاوز ماضيه المشين و يتطلع إلى مستقبل أفضل يقول فيه هاأنذا! ولكن ذات الخيبة وذات المخازي تكررت اذ لم تحدث العملية حتى الفرقعة الإعلامية المطلوبة.
لم ينل قادة الحزب شرف قدح شرارة الثورة ولم يجدوا غير هواء الشتاء السوداني الباردة والأرصفة الخالية و الوجوه السمراء التى لا تتفاعل مع اللون الأحمر القاني مهما بدا مخادعاً. إن محاولة الحزب الشيوعي السوداني نيل شرف بطولة سياسية و دخول ميدان النضال في وسط الخرطوم كانت مغامرة شبيهة بمغامرة 19 يوليو 1971 فقد ازداد الحزب ضعفاً و هواناً و تحول إلى شيخ مسن لا تؤهله لياقته لا وسنوات العمر للجري واللهث والقفز بالزانة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق