الأربعاء، 24 يناير 2018

“البعد التجاري”

صباح الأمس كان الفريق أول ركن بكري حسن صالح، النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء القومي، يعلن انطلاقة الدورة الخامسة والثلاثين لمعرض الخرطوم الدولي في نسخة 2018، بمشاركة (21) دولة و(680) شركة محلية وعالمية.
وبدا وزير التجارة حاتم السر واثقا من نجاح هذه الدورة، واعتبرها من أميز الدورات بفضل التحضيرات المبكرة، بيد أن كثيراً من المراقبين لفت انتباههم ضعف مشاركة الشركات المصرية، ما دفع بتساؤل عن تداعيات التوتر السياسي بين السودان ومصر، وأثرها على علاقات البلدين التجارية.
يعتقد وزير التجارة، حاتم السر، أن معرض الخرطوم الدولي، فرصة حقيقية للتعرف على إمكانيات السودان الصناعية وتطوير العلاقة مع الدول الخارجية، خاصة القطاع الخاص، كما يهدف انعقاد المعرض لزيادة الإنتاج وربطه بالصادر باعتبار أنه يشكل نقلة ويساعد في اختراق الموقف الراهن، لافتاً إلى أن القطاع الخاص سيشارك بنسبة (85 %) لتحقيق إنجازات تخفف من أعباء الشعب السوداني عن طريق عقد صفقات مع شركات عالمية ومحلية تحقق نماء واستقرارا بالبلاد، موضحا أن صناعة المعارض هي جزء أساسي ولا يتجزأ من دعائم الاقتصاد.
أما مدير إدارة المعارض والمؤتمرات بالشركة السودانية، عبد الوهاب محمد علي، فقد قلل من ضعف مشاركة الشركات المصرية، وكشف عن مشاركة دول لأول مرة في هذه الدورة، وهي بلاروسيا وكوريا الجنوبية والبرتغال من ضمن (21) دولة و(470) شركة محلية و(210) عالمية، بالإضافة إلى مشاركة (11) ولاية من ولايات البلاد.
كان غياب الشركات المصرية ودور العرض المقبلة من شمال الوادي يفتح أبواب التساؤلات على مصراعيه حول الغياب نفسه وإلى أي مدى يتواءم ذلك مع حالة القطيعة بين السودان ومصر في الوقت الراهن، ولاحظ الكثيرون غياب المصريين عن المعارض السودانية وعن معرض الخرطوم الدولي بالتحديد، ففي الدورة السابقة كان الوجود المصري هو الأعلى مقارنة بالدول الأخرى وهو أمر يقرأه البعض في سياق التواصل التجاري بين السودان ومصر. لكن يظل السؤال الرئيس هو ذلك المتعلق بغياب الشركات المصرية عن المعرض في النسخة الحالية.
يقول الخبير الاقتصادي عبد اللطيف محمد سعيد، المحاضر بجامعة بحري، إن الغياب المصري في النسخة الحالية يمكن رده بشكل أساسي لارتفاع نبرات التوتر السياسي بين البلدين في قضايا متعددة مثل حلايب وقضية سد النهضة، موضحا أن هذه التوترات ربما كان لها تأثيرها الفاعل على الغياب، حيث يمكن ردها إلى حالة من المخاوف لدى المصريين من تعرضهم لمشكلات في حال وجودهم مع حالة الاحتقان هذه، وربما يتكرر مشهد ما حدث للشركات والمصالح المصرية في الجزائر عقب تداعيات المباراة الفاصلة التي استضافتها أم درمان في العام 2010، ويبدو الخوف هو مبرر الغياب بحسب عبد اللطيف مقروناً ذلك بسوء العلاقات بين البلدين، وهو ما يعني أن السياسة هنا تمسك بتلابيب الاقتصاد.
لا يمضي الخبير الاقتصادي الدكتور حسين القوني بعيداً عن المسار الذي اختطه سلفه عبداللطيف حين يؤكد على أن التأثيرات السياسية كان لها دور في هذا الغياب يربط القوني بين ما كان يحدث بين القاهرة والخرطوم في أثناء الاستعدادات لقيام المعرض، وهو ما جعل الكثيرين يؤكدون على خيار تقليل المشاركة المصرية في نسخته الراهنة لتأتي النتيجة الختامية مؤكدة على غياب تام عنه، وهو يمثل خسارة كبيرة للتجارة الخارجية لمصر التي كان لها تبادل تجاري كبير مع السودان، خاصة وأن السودان يمثل معبرا لجنوب السودان وغرب إفريقيا، وحسب القوني فمن المؤكد أن يكون له مردوده السلبي على حجم تجارة مصر وصادراتها للدول المجاورة وللسودان، وأردف: “نأمل أن لا يكون هنالك ربط مباشر بين السياسات الاقتصادية والسياسيات للدول حتى لا تتعارض العلاقات بين الشعوب بالسياسات الحكومية”.
لا يبدو الأمر بعيداً أيضاً عن التفاعلات الاقتصادية بين البلدين، ففي قمة الأزمة السياسية كانت وزارة التجارة السودانية تصدر قرارها الخاص بحظر بعض السلع المصرية من الدخول للأسواق السودانية لعدم مطابقتها للمواصفات والسلامة المطلوبة، وهو القرار الذي كانت له تداعياته على المشاركة في المعرض وفقاً لكثيرين.
بالنسبة لمراقبين فإن عدم مشاركة المصريين في المعرض يرتبط ببحث الأخيرة عن أسواق جديدة في المنطقة، وأن الأمر أيضاً ذو ارتباطات بتحالفات سياسية ترتبط أساساً بالأحلاف والبحث عن المصالح باعتبارها المحرك الرئيس للتجارة في العالم، الأمر ينظر له فريق آخر بأنه يأتي لحسابات اقتصادية، فالواقع الاقتصادي العام في السودان لم يكن مثلما كان في الأعوام السابقة، وبالطبع فإن تراجع العملة الوطنية من شأنه أن يجعل الشركات تُعيد النظر في حسابات المشاركة وجدواها من ناحية تسويقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق