الخميس، 24 يناير 2019

غير قابل للنفيّ!

أحدثت الحقائق المذهلة التى أوردها مدير الأمن والمخابرات السوداني، صلاح عبدالله قوش، الاثنين الماضي في الساحة السياسية السودانية، بما يماثل دوي الصاعقة حين تجتاز وادياً من الأودية ويشعّ سناها وبريقها ليخلب الأعين والعقول معاً! فقد كشف مدير الأمن في السودان عن حقيقة الذين يقتلون المتظاهرين وهم داخل زخم المعارضة وفي خضمها ظناً منهم ألاّ أحد بإمكانه أن يكشف جريمتهم البالغة السذاجة والخِسة.
(قوش) قطع بأن جهازه يستخدم تقنية الستلايت لمتابعة ورصد موجات التظاهر في كل أنحاء العاصمة الخرطوم، بحيث يتيح لهم الستلايت بكل سهولة و يُسر تصفح الوجوه وتقدير الأعداد، وفتح منافذ للمتظاهرين عبر الشوارع دون أن يؤثر ذلك على الأمن العام للدولة، ودون أن يكلف الأمر كثيراً.
والذين يعرفون أجهزة الرصد والمتابعة هذه بتقنياتها الحديثة وأجيالها المختلفة، من المؤكد يعرفون أنه دليل مادي دامغ، ومستند رسمي يستحيل معه تماماً إنكار واقعة أو التنصل من فعل أو جريمة.
حديث قوش جاء متسقاً ومتزامناً مع نتيجة تشريح القتيل الدكتور بابكر عبد الحميد، الذى قتل في تظاهرة ضاحية بري شرقيّ الخرطوم قبل حوالي 10 أيام وأهاجت الواقعة الرأي العام السوداني ظناً منهم إن الذين قتلوا الطبيب بابكر هم منسوبو القوات النظامية، فكانت المفاجأة إن المقذوف الذي عُثر عليه في جسد القتيل مقذوف لسلاح له مساورة ناعمة (خرطوش) من نوع موريس، وأن اطلاق الطلقة جاء من الخلف، أي في ظهر القتيل. وهو ما أكده مدير الأمن السوداني حين أشار إلى أن جهاز الستلايت التقط واقعة القتل وهي بالفعل من وراء ظهر القتيل وأن الجريمة تمت بوساطة فتاة كانت تسير في خضم التظاهرة وأنه قد تم حفظ ملامحها ومن المنتظر تقديمها لمحاكمة عادلة لتلقي جزاءها على ما إقترفته يدها.
هذه الواقعة الموثقة غير القابلة للنفي؛ يمكن استخلاص عدد من النقاط الخطيرة والمهمة من ثناياها: أولها، إن الحكومة السودانية حين تحدثت عن وجود مندسين وعناصر تجنح للتخريب وتهييج الساحة و بث روح الكراهية والفوضى لم تكن تنطلق من فرضيات أو محض تكهنات كما ظل معارضيها يدمغونها؛ هي كانت تستند على أدلة مادية حاضرة وملموسة.
ثانياً، إن الذين يدعمون عمليات الاحتجاجات ويقفون من خلفها ويلصقون التهم على القوات النظامية وفي ذهنهم إن التظاهرات سوف تفضي إلى إسقاط النظام، ومن ثم قيام سلطة انتقالية ومن ثم عودة الديمقراطية إما أنهم تعاملوا بسذاجة وسطحية ولا نقول غباء؛ أو أنهم متواطئون مع الذين يريدون أن تشيع الفوضى ويتلاشي السودان المتماسك، المتسامح، الآمن تماما من الوجود! وعليهم –مهما كانت مكابرتهم– أن يعيدوا النظر في منطلقاتهم هذه.
ثالثاً، إن فرضية إشاعة القتل وإسالة الدماء في طرقات وأنحاء المدن السودانية فرضية ثابتة بالدليل القاطع، لأن المقصد الأساسي للعملية برمتها هي خلق فوضى خلاقة لا يستعيد بعدها السودان عافيته قط.
رابعاً، تكليف فتاة سودانية للقيام بمهمة قذرة كهذه بالتأكيد القصد منه التمويه وما درى الذين خططوا لهذه العملية إن جهاز الأمن يرصد الأمر بدقة متناهية، الأمر الذي يتأكد معه إن هؤلاء المخططين لا يتمتعون بأدنى قدر من درجات الذكاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق