الأربعاء، 30 يناير 2019

لماذا تعاف النفوس السودانية رائحة اليسار؟

ليس سراً أن يعكف 28 شخص أغلبهم مقيم بالخارج وينتمون إلى اليسار السوداني على إدارة فوضى تضرب بأطنابها في داخل السودان، عبر اشعال النيران، واغتيال المتظاهرين غيلة، و تعطيل الدراسة، وخلخلة كل دولاب الحياة بشتى مجالاتها في بلد بالكاد يسعى للتعافي من المشكلات و تحديات صعبة، بذل الكثير للتعافي منها.
وليس سراً ان اليسار العريض أعد العدة بعد أن واتته سانحة الاحتجاج الشعبية العابرة كي يقود معركة وقودها الناس و الممتلكات العامة، و الأمن القومي و الأمان الذي يزين جبين السودان، فهذه كلها تبدو واضحة الآن في شتى الصور، والأخبار ورائحة الموت التى نثر اليسار السوداني بعضاً منها على اعتقاد خاطئ للغاية ان شعب السودان و طالما غضب واحتج على حكومته فهذا يعني انه يرفض الدين ويرفض القيم السمحة و يدعو اليسار لكي تولى قيادة الدفة!
هذا التحليل المتعجل الخاطئ بنسبة 100% هو الذي سرعان ما اسكت صوت الاحتجاجات وأعاد تدريجياً الأوضاع إلى طبيعتها و اذا أردنا تعداد المنافذ التى أطل منها اليسار و بدت فيها بوضوح رائحة العرق المميز ودخان اللفافات الكئيبة، فإننا نجد:
أولاً، ظهور نبت عديم الجذور والأوراق و الثمار يشبه إلى حد بعيد طحالب الماء ألا وهو تجمع المهنيين، حيث لا يجرؤ أي قيادي او عضو في هذا التجمع الشبح الإعلان عن نفسه!
هو دائماً متخفي، زئبقي، يحاول ان يداري (حمرة) محسوسة يواريها خلف أثواب عدة. وبالطبع لا يستطع أي سوداني تجري فى عروقه الوطنية الحقة ان ينقاد وراء جسم لا يعيش في الضوء ويميل إلى (الظلام) و يدرك السودانيين بحاستهم السياسية الفائقة الذكاء ان التخفي والسترة و تحاشى الإعلان عن أي كيان بصورة واضحة مرده إلى ان أصحاب الكيان (يخجلون) منه فهم إذن من اليسار! اذ لا احد في السودان من بين عشرات القوى السياسية التى ملأت ساحات السودان يتخفي ويخشى الإعلان عن نفسه سوى اليسار، لسبب على جانب كبير من البساطة، هو تيار غير مستوعب في الذائقة الوجدانية العامة لدى السودانيين وهو مفارق لطبيعة تقاليدهم ومصادم لقيمهم الفكرية. واليسار دون شك يعلم هذه الحقيقة ويتحاشى ان يصطدم –في الظلام– بقائمة الفطرة السليمة لشعب السودان.
ثانياً، ضيوف القنوات الفضائية من ذوي الوجوه الناعمة والعيون الجاحظة والملبس الإفرنجي الفاخر والعبارات غير المفهومة زادوا من أدلة تقدم اليسار لصف التظاهرات و إدارتها لصالحهم العام.
ثالثاً، شعارات التظاهرات الواردة في أدبيات اليسار وعلى وجه الخصوص الحزب الشيوعي السوداني (حرية – سلام – وعدالة) و التى اعتمدها الحزب في مؤتمره الخامس؛ هي الأخرى نهضت كدليل.
وربما تجاوزت ذاكرة الحزب الشيوعي السوداني و نسيت او تناست السبب الحقيقي والجوهري الذى أودى بالمحاولة الانقلابية ذات الأيام الثلاثة التى ماتت في مهدها في يوليو 1971م، إذ ان الحزب يومها سير موكباً كانت شعاراته وحدها رصاصة الرحمة مثل (الخرطوم ليست مكة.. سايرين سايرين، في طريق لينين)!
هذه الشعارات وكما قضت على الحلم الشيوعي الأحمر هاهي الآن تجهز على الاحتجاجات الأخيرة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق