الاثنين، 21 يناير 2019

تجمع المهنيين.. محاولة أولية للفحص العام!

يتردد في بعض القنوات الفضائية الأجنبية من حين لآخر اسم (تجمع المهنيين) على اعتبار انه القاطرة التى تجر الاحتجاجات الأخيرة في السودان. وعلى الرغم من ان الكثير من السودانيين يتمتعون بثقافة سياسية جيدة وإلمام بجوانب العمل السياسي فوجئوا بهذا الاسم الهلامي غير المعروف وغير المألوف في قاموسهم السياسي.
ولمن لا يعرف السودانيين فان الثقافة السودانية و التقاليد الراسخة لديهم ان يكونوا على دراية تامة بأي لاعب سياسي، جذوره، رؤاه، منطلقاته، وطريقة تعاطيه مع العمل السياسي. ومن الصعب ان لم يكن من المستحيل ان يدخل احد المعلب السياسية بلا (بطاقة تعريفية) شافية وافية.
هذه هي طبيعة المجتمع السوداني وهو أمر يمكنك ان تلمسه في الواجبات الاجتماعية المستحقة السداد مهما كانت الظروف والمشاغل لأي مسئول سياسي في السودان و المتمثلة في الأفراح و العزاء وضرورة مخالطة المواطنين ومجالستهم. كل هذا مرده إلى الطبيعة المتأصلة في نفوس هذا الشعب المتفرد بضرورة ان يكون على دراية ومعرفة تامين بمن يتولى أي شأن من شئونه.
وهنا على وجه الخصوص يكمن (مأزق) ما يعرف بتجمع المهنيين. صحيح ان مدلول الاسم انه يعود إلى أصحاب مهن مرموقة ومعروفة لدى الطبقات الوسطى. وصحيح أيضاً ان المهن بصفة عامة لديها سوق عريض وواسع في بدل كالسودان به عشرات الجامعات و الكليات المهنية التى تخرج سنوياً أرتال من الأطباء و الصيادلة و المهندسين والقانونيين.
ولكن بالمقابل، فان أرباب هذه المهن في الغالب منخرطون أصلاً في أحزاب ومنظمات سياسية او لديهم تكوينات مهنية او نقابية، ولهذا يثور التساؤل هنا عما اذا كانوا قد (فشلوا) داخل أحزابهم ومنظماتهم السياسية أو انهم تخطوها؛ وفي الحالتين فإنهم بهذه الممارسة خالفوا القانون سواء قانون الاحزاب او قوانين الاتحادات التى ينتمون اليه بالضرورة.
واذا قيل أنهم غير منتمين سياسياً فهذا يعني إنهم ليسوا ذوي تجربة سياسية وفي هذه الحالة فإنهم يغامرون من اجل المغامرة، وفى الوقت الذي يزعمون إن بإمكانهم تحقيق أهداف لو كانوا حقاً يستطيعون تحقيقها لقاموا بتحقيقها داخل كياناتهم المهنية او في أحزابهم.
اذن أقل ما يمكن أن نطلق عليهم من وصف أنهم عجزوا في القيام بأي دور مفيد داخل كياناتهم والدليل على ذلك إصرارهم على إيراد اسم تجمع المهنيين دون الإشارة إلى صفاتهم المهنية.
ومع كل ذلك وإذا تغاضينا عن كل ما توصلنا اليه من الغريب ان يعتقد هؤلاء ان بإمكانهم (إحداث تغيير) وهم لم ينجحوا في إحداث تغيير في منظماتهم الخاصة! والأكثر سوءاً ان تحريضهم للمواطنين بالنزول إلى الشارع ليس فيه أدنى شعور بالمسئولية جراء ما يمكن ان يتسبب فيه هذا الحراك من مساس بالأمن الاجتماعي و إضعاف التماسك الوطني.
تجمع المهنيين في واقع الأمر يحمّل نفسه مسئولية تمزيق نسيج التماسك الوطني مع استصحابه أيدلوجياته الخاصة وخصومته السياسية مع خصومه في حكومة الوفاق في حاجة لفهم و إدراك لطبيعة الثقافة السودانية وأن يتحلى بـ(الشجاعة) الأدبية للازمة للكشف عن ملامحه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق