الأحد، 20 يناير 2019

كائن سياسي عمره (يوم واحد)!

من المؤكد ان القوى المعارضة في السودان أثبتت ليس فقط فاعليتها و لكن من تأكد يقيناً أنها أثبتت حدس و رؤية السودانيين فيها. ذلك ان كل المراقبين والمحللين السياسيين محلياً ودولياً لاحظوا ان المواطنين السودانيين أبدوا إمتعاضاً واضحا للغاية إن إعلان ما يسمى بـ(الجبهة الوطنية للتغيير) أنها خرجت من حكومة الوفاق الوطني وقررت ركوب موجة التغيير وتسليم مذكرة – بهذا المعنى – للرئاسة السودانية كان هو (النقطة) التى استوقفت المحتجين وإستلفتت انتباههم بشدة!
لقد أدرك الشعب السوداني اللمّاح، ان احتجاجه المطلبي تريد هذه القوى ان تختطفه لصالح أجندتها السياسية. ولو كانت هذه القوى المعارضة ذات نفسها سواء لنفسها او للمواطن السوداني؛ لكانت هي التى تشعل فتيل المطالبة بالتغيير وإسقاط النظام، وتقدم التضحيات وتسدد الفاتورة من حسابها السياسي الخاص.
هي قوى انتهازية بكل ما تعنيه الكلمة، ظلت تمالئ و تطوف ببعض العواصم ثم تعود و تعقد الصفقات ثم تحوم بكل الموائد وليس في ذهنها معاناة المواطن السوداني ولا متاعب معيشته، غير أنها و حالما تراءى لها ان المواطن السوداني غضب سارعت لسرقة غضبه لصالح مصالحها!
قوى التغيير هذه و لسخريات القدر لم تراعي حتى حمرة الخجل التى ينبغي أن تعلو وجهها  السافر ولم تتوانى في ركوب موجة لم تنتظر حتى لمعرفة وجهتها ومسارها! ركبت ولكنها فوجئت بأن الموجة تلفظها. والآن مضت أسابيع على ما عرف تاريخياً بـ(الجبهة الوطنية للتغيير) ولم يسمع عنها احد ركزا!
هكذا دائماً تكون الأجنّة السياسية (غير المكتملة النمو) اذا بقيت لمدة طويلة في رحم الأم ألحقت بها أضراراً، وإذا خرجت التى الحياة خرجت ميتة، مشوهة لا احد يبكي عليها ولا احد يفرح او يحزن بخروجها.
لقد كان هذا الحدث - حدوث ظهور الجبهة الوطنية للتغيير - بمثابة استفتاء سياسي غير منظم و غامر قادتها بعرض أنفسهم على شعب السودان، فقال كلمته المهيبة فيهم. بل ان الجبهة الوطنية – أيضا لسخريات القدر ومفارقته – تلقت (ضربة) محكمة من جسم آخر مجهول، أغضبته غاية الغضب ان تبلغ الانتهازية هذه الدرجة وهو ما عرف بتجمع المهنيين، الذي  ركل الجسم الجديدة، ركلات وتميز غضباً من سرقتها النهارية لمجهوداته الضائعة!
ويمكننا إزاء ذلك ان نخلص إلى عدة أمور و يجب وضعها في الاعتبار عند قراءة معطيات الواقع الراهن و مآلاته: أولاً، لم يمض شعب السودان باتجاه إسقاط الحكومة الحالية قط ولا انتوى ذلك بدليل ضيقه و تبرمه من (الفهم  الخاطئ) للذين سارعوا لاقتناص السانحة و الظفر بالنتائج. والسبب في ذلك بسيطة للغاية ، فالحكومة القائمة حكومة وفاق وطني بها عدد من القوى السياسية واستجابت على الفور لمطالبه ولمس بنفسه خطوات المعالجة على ارض الواقع.
ثانياً، القوى المعارضة ليست خياراً قط لشعب السودان، وإلا لما لفظها عقب اكبر ثورتين ، اكتوبر 1964 و ابريل 1985، فقد خبرها جيداً وخرجت تماما من حساباته.
ثالثاً، مورد الأمن، هذا المورد الاستراتيجي المتوفر حالياً، يدرك شعب السودان أنه عصي على التفريط و الإهدار، وهو مورد عضَّ عليه شعب السودان بالنواجذ وما يزال يفعل لأنه بذكائه الفكري يعلم ما وراء أطماع القوى المعارضة وفقدانها للمسئولية الوطنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق