الثلاثاء، 26 فبراير 2019

الحزب الحاكم في السودان: البشير قام بانقلاب أبيض

كشف القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم أمين حسن عمر، أن الرئيس السوداني عمر البشير لم يستشر الحزب في القرارات الأخيرة التي اتخذها ومن ضمنها حل الحكومات المركزية والولائية وتعيين 18 من قيادات الجيش ولاة للولايات، معتبرا أن ما حصل انقلاب أبيض.
وتعكس تصريحات القيادي في المؤتمر الوطني وجود حالة من التململ من قرارات الرئيس عمر البشير، والتي بدا أن الهدف الأساسي منها إقصاء الحزب من السلطة، والدفع بالمؤسسة العسكرية إلى الواجهة، لاحتواء الاحتجاجات التي يشهدها السودان منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
وكانت تسريبات تحدثت عن غضب البشير من طريقة تعاطي المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية عموما مع الحراك الشعبي، وامتزج هذا الغضب بقلق من إمكانية حدوث انقلاب قصر عليه، ترعاه بعض القوى الإقليمية.
وأكد أمين حسن عمر في حوار له مع صحيفة “الانتباهة” السودانية أن الرئيس لم يشاور الحزب في اختيار النائب الأول للرئيس (وزير الدفاع عوض ابن عوف) أو رئيس الوزراء أو الولاة العسكر، وأشار القيادي إلى أنهم سيتصرفون على أنهم ليسوا الحزب القائد للحكومة لأن القيادة انتقلت إلى الرئاسة ولم تعد حزبية، وشبه ما جرى بأنه انقلاب أبيض، ولوح بمواجهة ما حدث بالشرعية إذا ما كان انقلاباً على الشرعية.
ونفى أمين حدوث ملاسنات داخل اجتماعات المكتب القيادي الأخير (الجمعة) برئاسة البشير التي أعقبها خطاب البشير، وأشار إلى أن النقطة التي دار حولها نقاش مطول كانت “فرض حالة الطوارئ”، وقطع أمين بأنهم في الحزب لن يقبلوا بالخروج على الشرعية من أيّ جهة سواء كان ذلك بانقلاب أبيض أو أسود. وأقرَّ بأن الحزب يحتاج إلى استراحة محارب.
ويترأس البشير حزب المؤتمر الوطني، الذي ولد من رحم الحركة الإسلامية التي قامت بتحالف مع قيادات عسكرية وبينها البشير بانقلاب عسكري في العام 1989 على رئيس الوزراء آنذاك الصادق المهدي.
وشهد الحزب في السنوات الأخيرة انشقاقات كان أبرزها خروج المستشار السابق للبشير غازي صلاح الدين العتباني وتأسيسه في العام 2013 لحركة “الإصلاح الآن”.
ولم تهدأ الخلافات دخل المؤتمر رغم خروج ما يطلقون على أنفسهم بـ”الإصلاحيين”، لكن الرئيس البشير كان قادرا على استيعابها وتحجيم كل قيادي يشكل تهديدا له داخل الحزب، ولكن باندلاع الاحتجاجات الأخيرة وجدت القيادات الرافضة لهيمنته فرصة لإعلاء صوتها وتقويض هذه الهيمنة.
ويرى مراقبون أن هذا ربما ما يفسر السبب في الانقلاب الأبيض الذي قاده البشير، والذي صرح خلال إعلانه لحزمة القرارات المثيرة أنه سوف يكون على مسافة واحدة من جميع الأحزاب السياسية، بما يعني أنه سيكون على ذات المسافة بين المؤتمر الوطني وحزبي البعث والأمة القومي.
وأعلن القيادي أمين حسن عمر أن الحزب سيختار رئيساً له في المؤتمر العام القادم، مؤكدا جاهزية الحزب لاختيار البديل للبشير.
ورجح عضو المكتب القيادي في الحزب تأجيل المؤتمر العام للحزب إلى ما بعد شهر رمضان، وأكد أمين أن المكتب القيادي في الحزب لم ينظر في استقالة مقدمة من الرئيس البشير، إلا أنه رجح أن يجمد الرئيس رئاسته للمؤتمر الوطني في هذه المرحلة، رافضا توصيف ما قام به الرئيس من قرارات بأنه مفاصلة جديدة (في إشارة إلى انقسام الحركة الإسلامية بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي بقيادة الراحل حسن الترابي).
وأكد أن التيار الإسلامي ليس مستضعفاً، وتابع “هو ليس سجادة حتى تمضي فيه وتدوسه دوسا”، وجزم بأنه لا يستطيع أحد فعل ذلك، فيما بدا تحذيرا للبشير.
وشهد السودان في اليوم الثالث من إعلان حالة الطوارئ مسيرات احتجاجية جديدة، وهتف مئات المتظاهرين الذين تجمعوا وسط الخرطوم الاثنين “حرية، سلام، عدالة”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق