الثلاثاء، 26 فبراير 2019

تجمع المهنيين.. أو (المنبوذ) السياسي الأبرز!

عادل عبد العاطي، لمن لا يعرفونه فى المضمار السياسي المظلم، البعيد عن الاضواء والواقعية، قيادي سابق فى الحزب الشيوعي السوداني. لسبب او لآخر ألقت به أوعية الحزب الشيوعي، ولم يجد مقعداً مريحاً لا في المقدمة ولا في ما يلي المقدمة فلفظه الحزب ولم يأبه له قادة الحزب.
وحين تفرقت السبل به وبرفاقه لم يجد سوى ان يبتكر لنفسه لافتة، ولم لا، والمسألة فى ظل وسائط التواصل الاجتماعي لا تكلف الكثير، ونجح فى تأسيس ما يعرف بالحزب الديمقراطي الليبرالي.
وما هي الا أشهر إلا وتهيأت سانحة الاحتجاجات الاخيرة في السودان ولم يصدق الرجل عينيه فسارع بتأسيس جسم سياسي اضافي تحت مسمى (سودان المستقبل). مؤخراً وبتاريخ 10 فبراير 2019 وجه عادل عبد العاطي رفاقه فى حملة (سودان المستقبل) بالداخل بإيقاف اي شكل من اشكال التنسيق بينهم وبين تجمع المهنيين فى التظاهرات على ان يكون التنسيق -بحسب التوجيه الصارم- مع المجموعات الشبابية والحزب الليبرالي.
ومع أن أحداً من رفاق عادل بالداخل لم يجرؤ على السؤال عن السبب، إلا ان السبب سرعان ما كشف عن نفسه بنفسه! الحزب الليبرالي ينظر الى تجمع المهنيين بأنه (ينفذ انشطة وأجندة الحزب الشيوعي) ويعمل على تهميش قوى المعارضة الاخرى. اي إن عادل عبدالعاطي الذى خرج من الحزب الشيوعي فوجئ بأنه عاد ووقع فى شباك ذات الحزب -ممثلاً فى تجميع المهنيين-  ووجد نفسه بعد كل هذا العناء ينسق مع بيته القديم وصالح رفاق الامس.
ومن المؤكد ان هذا الموقف واحد من بين عدد من المواقف المتقاطعة بين ما يعرف بتجمع المهنيين ومجموعات وتنظيمات يسارية وليبرالية اخرى. حتى الليبراليين واليسار العريض لديه (مقت) و (كراهية) للحزب الشيوعي السوداني للدرجة التى لا تسمح -ولو مؤقتاً- بتوحيد الجهود والتحفالف من اجل مواجهة خصوم مشتركين. فقد سبق وأن اصطدم تجمع المهنيين بكتلة التغيير وجرت بينهم ملاسنات حادة وسبق ان اصطدم تجمع المهنيين بقوى وسطية معارضة.
 وهكذا فإن حالة الفصام والخصام القائمة بين هذه القوى المعارضة وهي بعد فى مرحلة (استغلال الاحتجاجات) تشير الى الازمة العميقة المتجذرة فى صفوف قوى المعارضة السودانية. ازمة ظلت تتكرر وتتعمق منذ تجربة التجمع الوطني الديمقراطي فى تسعينات القرن الماضي حيث لا يرضى أحد بأحد، ولا يقبل اي حليف بحلفاء آخرين وان تشابهوا فى اللون والطعم و الثياب ىالقديمة البالية . وكل واحد منهم يزعم انه هو القائد وهو الذى ينبغي ان يتصدر المشهد.
من المؤكد ان هذه الصورة الشائهة لقوى المعارضة السودانية هي الدليل الاقوى والابرز على زهد الشارع السوداني فى الأمر وسعيه الحثيث لمعالجة ازماته مع السلطة الحاكمة دون ان تصل الى حافة الهاوية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق