الاثنين، 25 فبراير 2019

من دفتر يوميات التظاهرات فى السودان.. حقائق ووقائع!

منذ بداية الاحتجاجات فى السودان فإن صحيفة (سودان سفاري) الالكترونية قررت ان تخوض تجربة التوثيق التاريخي ومحاولة ملاحقة الاحداث وإجراء احصاء لما يجري سواء على صعيد اعداد التظاهرات، او اعداد المشاركين فيها، وعدد الولايات، والموقوفين ومن أطلق سراحهم أو الذين ما زالو قيد الايقاف سواء لدى الشرطة او جهاز الامن؛ والمصابين والقتلي وهكذا.
وبالطبع لم تكن المهمة سهلة خاصة وانت تتحدث عن بلد كالسودان عنصر التوثيق والاحصاء فيه ما يزال فى حاجة لدربة خاصة ومحاولات و جهود. وبالطبع ايضاً هناك وسائل اعلام محلية واخرى عالمية، ولكن بدا لنا واضحاً خاصة وقد استطال أمد التظاهرات إن بعض وسائل الاعلام الاجنبية (قنوات فضائية معروفة) جعلت من الاحداث وقوداً يومياً (حطب حريق) وبعضها لفرط انغماسه فى عدم الحيدة طفق يعرض صوراً قديمة، بعضها بلا مبالغة مضحك ومبكي.
من هذا المنطلق شرعنا فى توثيق ما يجري على نحو موضوعي لا يهمنا فى هذا الصدد ما اذا كان هذا مرضياً للحكومة السودانية او مغضب لها؛ مرضياً للناشطين أو غير مرضي، فصعوبة المهمة ثمنها ألا يرضى عنك احد!
أولاً، منذ بداية التظاهرات وحتى اليوم فان عدد التظاهرات التى انطلقت فى كل انحاء السودان بلغ 176 تظاهرة. العدد الكلي للذين شاركوا فى هذه التظاهرات جميعها حوالي (17.214) شخص. كانت اعداد المتظاهرين فى اكبر تظاهرة من بين كل هذه التظاهرات حوالي 1700 شخص أما غالبية التظاهرات وبنسبة 90% -بحسب تقديراتنا الاحصائية- كان المشاركين فيها دون الـ100 شخص.
ثانياً، على الرغم من الاعتقاد السائد لدى الكثيرين –محليا ودولياً– ان كل ولايات السودان شاركت فى التظاهرة إلا ان هذا الاعتقاد لم يكن فى الواقع صحيحاً ابداً اذا ان هناك 6 ولاية لم تشهد تظاهرة.
ثالثاً، طوال الفترة الممتدة من 19 ديسمبر 2018 وحتى الآن فان هناك 11 ولاية سودانية شهدت اقل من 5 تظاهرات.  رابعاً، أعلى عدد تظاهرات شهدته الولايات السودانية سجلته العاصمة الخرطوم (107) تليها ولاية الجزيرة 19 مظاهرة ثم نهر النيل 12 مظاهرة، مع الاخذ فى الاعتبار هنا اختلاط هذه التظاهرات بمظاهرات تلاميذ مدراس الاساس وصبيان صغار داخل بعض الاحياء غالباً ما يقومون بحرق لساتك وإطارات عربات ثم يفرون الى داخل منازلهم.
خامساً، من اصل 2650 شخص جرى توقيفهم جراء الاحداث فقد تم اطلاق سراح حوالي 2430 شخص، والذين لم يتم اطلاق سراحهم إما أنهم موقوفين على ذمة قضايا قيد النظر امام المحاكم او عدم اكتمال التحقيقات بشأنهم، كما تلاحظ لدينا ان الاطفال والنساء يتم اطلاق سراحهم على الفور الا فى حالات وجود دعوى جنائية تقتضي موالاة السير فى التحقيقات او إيرادات ضمانة مالية حسب ما يقرره قانون الاجراءات الجنائية السوداني 1991م.
سادساً، المعتقلات الخاصة بجهاز الامن فى غالب الاحوال تتضمن حوار ومناقشات بين السلطات الامنية والموقوفين, وقد قمنا بتوثيق حوار مطول ومرهق بين حوالي 186 شاباً ومدير جهاز الامن السوداني قرر مدير الجهاز فى خاتمة الحوار اطلاق سراحهم جميعاً. ولن نغالي ان قلنا اننا دهشنا حقا حين أتيح لنا الوقوف على ما يجري داخل حراسات الاعتقال من حسن معاملة ورعاية صحية وأكل وشرب على الطريقة السودانية المذهلة.
سابعاً، عمليات القتل التى حدثت داخل التظاهرات وابرزها حادثة قتلة الطبيب بابكر والخريج الفاتح فى ضاحية بري شرقي الخرطوم تمت بفعل فاعلين داخل التظاهرة وبسلاح غير متوفر لدى القوات النظامية السودانية (مسدس خرطوش) وهو أمر قيد التحقيق لدى سلطات النيابة العامة .
هذه الحقائق الموثقة التى بذلنا جهدنا للوصول اليها ليس الغرض منها التقليل من شأن أحد او إزجاء المدح و التقريظ لأحد، فهي بمثابة تصوير وعكس لحقائق الواقع وقد بدا لنا بوضوح انحسار موجة التظاهرات منذ ما قبل الاسبوع الماضي لانكشاف حقائق عديدة ولإكتشاف قنوات فضائية عديدة انها وقعت أسيرة معلومات مضللة دفع اليها بها نشطاء فى مواقع التواصل الاجتماعي وليس سراً فى هذا الصدد ان قنوات (BBC) و(الجزيرة) وقعت فى مثل هذه المحاذير سواء أدركت او لم تدرك ذلك، ففي النهاية فان الحقيقة وحدها هي التى تبقى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق