الاثنين، 25 فبراير 2019

اضراب الاطباء فى السودان والذين يشترون بإنسانيتهم ثمناً قليلاً!

لا يختلف عامة السودانيين على أمرين أساسيين، أولهما ان اضراب الاطباء أياً كانت الاسباب او المبررات أمر خاطئ وغير أخلاقي وغير انساني، وثانيهما ان الاضراب نفسه بمثابة (عمل سياسي) يخص فئة سياسية بلون سياسي معروف.
وقد بذل المجلس السوداني للتخصصات الطبية فى هذا الصدد جهوداً مخلصة من جانبه بكتابة ميثاق يوقع عليه الاطباء يحظر الاضراب، وهو ميثاق يقول المجلس انه لا يترتب عليه اية جزاءات قانونية ولكن اخلاقية فى المقام الاول.
 ومع ان بعض القوى السياسية المستغلة للاحتجاجات السودانية هي التى تنشط فى تنفيذ هذه الاضرابات إلا ان الاحصائيات الرسمية فى واقع الامر تشير الى ان عملية الاضراب ليست ناجحة عملياً، ففي احصائية رسمية صادرة يوم الخميس 14/2/2019 فان إجمالي عملية الاضراب وفق الارقام جاءت كالتالي:
بالنسبة للاختصاصيين فان الذين نفذوا الاضراب 22 اختصاصي من جملة 590 اختصاصي. وبالنسبة لنواب الاختصاصين فقد اضرب 72 من جملة 590 وأما اختصاصيي التخدير فلم تسجل حالة اضراب وسطهم، وبالنسبة للاطباء العموميين اضرب 66 من اصل 1228 طبيب. وبالنسبة للمهن الطبية الاخرى لم تسجل حالات اضراب.
ومن الواضح هنا ان الاضراب فى تناقص وتراجع واضح . ذات الامر يمكن ملاحظته بشأن المستشفيات المرجعية فى العاصمة السودانية الخرطوم حيث تبدو نسبة الاضراب عادة لا تتجاوز الـ2% أو على افضل تقدير 3% مع العلم ان هذه المستشفيات البالغة حوالي 12 مستشفى مركزي تضم عدداً من المناوبات والورديات المختلفة. المجلس الطبي استدعى بعض الاطباء مؤخراً حوالي 22 اختصاصي اسنان لاجراء محاسبة بشأن الغياب.
غالبية الاطباء الذن تسنى لـ(سودان سفاري) الالتقاء بهم أكدوا جميعهم على عدم جدوى الاضرابات، ليس فقط لكونها لا تحقق اي جدوى سياسية بإمكانها اسقاط النظام؛ ولكن ايضاً لكونها تجد تنديداً شديداً من الشارع السوداني العريض باعتبار ان مهنة الطب هي مهنة انسانية تستند الى اساس اخلاقي ولا شأن لها مطلقاً بالسياسة!
بعض الاطباء أشاروا ايضاً الى ان فرص التوظيف الطبي ونظراً لضخامة اعداد الخريجين جراء التوسع الهائل في الجامعات باتت فرصاً ضيقة وضئيلة، ولذا يبدي غالبية الاطباء حرصاً بالغاً على عدم خسار وظائفهم بحال من الاحوال.
وعلى ذلك فان الاستهجان الواسع النطاق الذي قابل به الشارع السوداني ممارسة الاطباء للسياسة وفى اطار حزبي ضيقة من المنتظر ان يؤدي شيئاً فشيئا الى اندثار هذه الظاهرة المقيتة، والتي ثبت بالدليل انها لم تحقق اية من اهداف الذين وقفوا خلفها، بقدر ما كشفت خارطة الذين يشترون بأنسانيتهم ثمناً سياسياً قليلا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق