الاثنين، 25 فبراير 2019

بعد قرار البشير كيف تكون المرحلة الجديدة ...

لا جدال أبداً ولا خلاف أن ما أُعلن بالأمس، يُعد تحوّلاً مفصلياً في مسيرة البلاد السياسية، وأفقاً جديداً تنفتح عليه مكونات العمل السياسي والمجتمعي علّه يقود البلاد إلى رحاب الاستقرار والطمأنينة والوفاق والسلام، فهذه الخطوات والتدابير التي أُعلنت
، وقد وُصفَت وكأنها انقلاب كامل على مجمل الأوضاع في هياكل الحكم وتوجّهات الدولة، سيكون لها مردود شامل يحمل في طياته روح التغيير الذي تُطالب به القطاعات الشعبية التي نادت بالإصلاح السياسي والاقتصادي وابتداع مشروع وطني للنهضة والبناء والتوافق السياسي.
ما أعلنه الرئيس بالأمس، ظل مطروحاً في كل النقاشات السياسية والحوارات التي تجري في البلاد منذ فترة طويلة، باعتبار أن حاجة البلاد لرئيسٍ توافقي على مسافة واحدة من الجميع، يرعى الكل في مضمار العمل السياسي، ظلّت حاجة مُلحّة يُطالب بها أطراف العملية السياسية في شركاء الحكم والمعارضة..
وظلّت كل الإصلاحات المطلوبة في مجالاتها المختلفة تقتضي مواقف وإجراءات وإرادة سياسية شجاعة وقادرة على قيادة التحوّل والتغيير المطلوب، ولذلك لم تختفِ هذه الأفكار والآراء الإصلاحية من الساحة السياسية، ولا من طاولة صنّاع القرار بمن فيهم السيد رئيس الجمهورية نفسه، الذي يقود التغيير الحالي، ويُمسك بدفة القيادة حتى تخرج البلاد إلى البر الآمن.
لنأخذ ما جرى بعين فاحصة…
أولاً: التغييرات التي طرأت على الجهاز التنفيذي بحل الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات، هو قرار مرتقب من فترة لإصلاح حالة الاختلال في الأداء الحكومي خاصة القطاع الاقتصادي الذي تسبّب قصور الأداء عنده في ردة الفعل التي قادت إلى الاختناق المعيشي والصعوبات التي أدّت إلى الاحتجاجات الأخيرة، كما أن معاول الإصلاح السياسي والاقتصادي تعثّرت بفعل هذا الأداء المتدّني، وتبعاً لذلك تراجعت قُدرة الحكومة على تنفيذ برامجها، خاصة أن الكفاءات كانت مفقودة لأسباب مُختلفة نتيجة للمحاصصات السياسية والموازنات الجهوية والمناطقية والقبلية، فلابد إذن أن تبدأ أولى الخطوات بها الحكومة وحكومات الولايات لفتح منافذ جديدة لرؤية أكثر شمولاً وقُدرة ولتفعيل الجهاز التنفيذي وتنشيطه وجعل دوره فاعلاً وإيجابياً وقادراً حتى تتحقّق المطلوبات المُراد تنفيذها، وهي إنعاش الاقتصاد ومعالجة المشكلات المعيشية وتحفيز الاقتصاد السوداني للانطلاق.
ثانيًا: إعلان حالة الطوارئ، وإن بدت تراجعاً أو تقدّماً للخلف، فهي مطلوب أمني وتأمينه للبلاد في هذه المرحلة الخطيرة التي تكاد فيها الأوضاع تنفلت وتنزلق بفعل خطاب الكراهية والعُنف الذي ساد خلال الفترة الأخيرة، مع وجود نزاعات لم تتم تسويتها في المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق، ووجود حركات تحمل السلاح باسم قضية دارفور، وينبغي ألا تستمر الطوارئ فترة طويلة حتى لا يكون في فرضها تعطيل بعض القوانين انتكاسة لدولة القانون والحريات العامة وحرية الصحافة، وهذه بالطبع أجزاء معادلة في الدولة الحديثة، والاستقرار السياسي تتناقض مع إعلان حالة الطوارئ.
ثالثاً: خطوة الرئيس في أن تكون له مسافة متساوية من كل الأحزاب وفك الارتباط بالمؤتمر الوطني ليكون مثله مثل كل الأحزاب السياسية، هي خطوة شجاعة للغاية، وفيها ثقة عالية بالنفس بالنسبة للرئيس الذي تخلّى عن ظهيره السياسي وللمؤتمر الوطني الذي سيعيش بعيدًا عن جِلْباب السلطة التي كان هو صاحبها، وسيظل هو الكُتلة الأكبر في المجالس التشريعية والولائية.. وهي تجربة تُعيد الثقة بين الحكم وبقية أحزاب المُعارضة وتفتح الباب للمنافسة القوية بين مكوّنات العمل السياسية وتدفع الجميع للمشاركة في الانتخابات المقبلة.
رابعاً: ما يتعلق بتعديل الدستور، وحسم الجدل بشأنه هو أيضاً خطوة ذات مؤشر شجاع وقوي، وتدل على أن قيادة الدولة تتمتع بحس سياسي رفيع، وهي صادقة في توجهاتها والتزاماتها فلم يسمع من قبل أن الرئيس يرغب في ترشيح نفسه، فقد صدرت تلك الإعلانات من أطراف حزبية ومن مؤسسات المؤتمر الوطني، هذه الخطوة تحسم الجدل وتفتح الطريق لكل من يريد ترشيح نفسه، وتعيد للساحة السياسية الاطمئنان بأن هناك منافسة مفتوحة متاحة للجميع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق