الثلاثاء، 26 فبراير 2019

الحكومة الجديدة.. العبور وسط المطبّات

منذ أن أعلن الرئيس عمر البشير، حل حكومة الوفاق الاتحادية وحكومات الولايات، والجميع في حالة ترقب، خاصة بعد إعلان حالة الطوارئ في البلاد لمدة عام واحد، وكان الرئيس قد أعلن ضمن قراراته تلك تشكيل حكومة جديدة بفريق عمل تنفيذي يتكون من كفاءات وطنية ، وذلك لإنجاز تدابير اقتصادية محكمة لحين استكمال العملية الحوارية لوقتها المعلوم، كما تعمل الحكومة الجديدة على استكمال ترتيب المشهد السياسي الوطني بما يحقق الإجماع الوطني، وتنفيذ الاستحقاقات اللازمة لتحقيق طموحات الشعب بعد خروج قطاع كبير من الشباب إلى الشارع.
*حكومة كفاءات
أشارت مصادر صحفية إلى أن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، ورئيس الوزراء محمد طاهر إيلا سيبدآن سلسلة مشاورات مع القوى السياسية بهدف تشكيل الحكومة الجديدة، فيما سيتم تقليص حصة المؤتمر الوطني في الحكومة الجديدة، ولن يتم إغفال الأحزاب التي شاركت في الحوار الوطني، وسيتم الاشتراط على الشركاء في الحكومة تقديم أصحاب الكفاءات. وقالت المصادر إنه من المتوقع تقليل الوجوه العسكرية إلى حد كبير جدًا، وربما عدم تعيين شخصيات ذات خلفية عسكرية، وأوضحت الصحيفة أنه يتوقع إلا يتجاوز تشكيل الحكومة عشرة أيام.
*مهام حكومة إيلا
مسؤوليات جسام تنتظر الحكومة الجديدة بقيادة د. محمد طاهر إيلا التي من المنتظر تكوينها في الأيام القليلة القادمة، أبرزها حل الضائقة الاقتصادية الطاحنة وتوفير السيولة النقدية والوقود والدقيق، والمحافظة على قيمة العملة الوطنية والتي انخفضت قيمتها كثيراً وسط ارتفاع مذهل للدولار.
كل هذه التحديات وغيرها تنتظر الحكومة القادمة والتي جاءت في ظروف استثنائية مع إعلان حالة الطوارئ بعد خروج قطاع عريض من الشباب إلى الشارع احتجاجاً على الأزمات المتلاحقة التي تأخذ بعضها برقاب بعض.
*الحكومة الثالثة
تعتبر حكومة "إيلا" هذه هي الحكومة الثالثة بعد إجازة مخرجات الحوار الوطني، حيث تكونت حكومة "الوفاق الوطني" بقيادة رئيس وزرائها الفريق ركن بكري حسن صالح في مارس 2017، أعقبتها الحكومة التي أقيلت مؤخراً والتي تسمى اصطلاحاً بحكومة "معتز" والتي تكونت في سبتمبر من عام 2018. وكانت أكبر التحديات التي واجهتها حكومة "بكري" تحسين الوضع الاقتصادي وتبنى برنامج "إصلاح الدولة" ومحاربة قضايا الفساد، وتمت إقالتها نسبة للترهل الكبير الذي تميزت به نسبة لاستيعابها أعداد كبيرة من المشاركين في "الحوار الوطني". فيما واجهت حكومة معتز قضية "معاش الناس"، ومن ثم واجهت حكومة معتز أزمات شح الخبز والوقود والسيولة.
*تجفيف "المحافير"
عقبات كثيرة اعترضت طريق حكومة "معتز" حتى إن كثيراً من المراقبين كانوا يتساءلون عمن "دس المحافير" للرجل، حيث أن الرجل عندما تولى مهامه بدأ نشيطاً متفائلاً، أطلق تغريداته عبر حسابه في "تويتر" والتي تعهد فيها بإخراج الاقتصاد من حالة "الموت السريري"، وأعقب عمله بالزيارات التفقدية، وأشار مراقبون إلى أن "الدولة العميقة" هي التي هددت "عرش " الرجل ومن ثم أودت بدولته، في حين أن ذات المراقبين استبعدوا أن تضر "الدولة العميقة" بحكومة "إيلا" في ظل إعلان قانون حالة الطوارئ، كما أشار المراقبون لخبرات إيلا التراكمية في مواجهة ما يعرف بالدولة العميقة والتي استطاع في أوقات عصيبة الخروج من مطباتها بسلاسة.
*عبور
أشار الخبير الإعلامي والكاتب الصحفي د. عبد اللطيف البوني، إلى أن الظروف التي تواجه د. محمد طاهر إيلا مختلفة عن تلك التي واجهت سلفه معتز موسى، مضيفاً بأن شخصية إيلا ستساعد كثيراً في عبور حكومته، مشيراً إلى أن إيلا شخصية قوية ومصادمة وقادرة على مجابهة "الحفر"، مشيراً للمثل "أبوالقدح يعرف محل بعضي رفيقو"، مؤكداً أن بكري ومعتز لم يضر بهما إلا "الحفر"، حيث لم تضرهما معارضة ولا حصار خارجي ولكن أضرت بهما "الدولة العميقة" من داخل الحزب، وأضاف البوني أن إيلا رجل تنفيذي من الطراز الأول، لذا فإن حكومته يؤمل عليها كثيراً، وقلل البوني من مساعدة قانون الطوارئ كثيراً لإيلا وذلك لأن قانون الطوارئ أو غيره لديه سقف معين، مشيراً إلى أن شخصية إيلا بتحررها قادرة على عمل الكثير، كما أشار البوني إلى أن إيلا متحرر أيضاً من الانتماء ولديه معرفة "بالجخانين والحفر"، وأوضح البوني "للصيحة" بأن إيلا لديه فرصة للتغلب على الأزمات إذا ما توفرت الإرادة السياسية، مشيراً إلى أن الأزمات التي واجهت معتز هي أزمات مفتعلة وليست حقيقية.
*نجاح مشروط
توقع الخبير الاقتصادي والأكاديمي، د. محمد سر الختم أن تستطيع حكومة إيلا أن تحل الأزمات الاقتصادية إذا توفرت لها الإرادة السياسية، مشيرًا إلى أن هذه الحكومة تم الإتيان بها لكي تقدم حلولاً خاصة، وأشار سر الختم في حديثه لـ"الصيحة " إلى أن الأسباب التي أدت لتكوين الأزمات الاقتصادية في البلاد سببها إداري - في الأساس – مضيفاً بأن الحكومات السابقة لم تستطع أن تبذل مجهوداً في استغلال الموارد الموجودة بالبلاد، وكانت نتيجة لذلك الحصيلة صفراً، وعزا الفشل الذي صاحب الحكومات السابقة لأنها لم تستطع ترتيب الأولويات رغم التوقعات والآمال الكبيرة التي صاحبت حكومتي بكري ومعتز.
وختم سر الختم حديثه بأن السياسي الناجح هو الذي يستطيع اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق