الأحد، 29 مايو 2016

البشير والجنائية ... واشنطن و مأزق التأشيرة

لن يذهب كل مراقب حصيف وهو يقرا من بين سطور نبأ طلب الرئيس البشير لتأشيرة دخول إلى أمريكا للمشاركة في قمة الأيدز،ويصفها بأنها مناورة دبلوماسية من الحكومة السودانية على نظيرتها الامريكية ،بل أنها مطلب جاد من جانب السودان حيث أن البشير سيذهب بالفعل إلى أمريكا لو توفرت عند أمريكا شجاعة بإصدار إذن دخوله إلى أراضيها.فتقدم الخارجية السودانية من جديد بطلب إصدار تأشيرة للبشير للمشاركة في قمة الأيدز وتلبية دعوة كي مون فإن ذلك الطلب قد أدخل أمريكا في موقف صعب حقاً.. ، دون وجود خيارات أخرى بالنسبة لها..فهي – أي أمريكا – إما أن تلتزم باتفاق المقر ،لذا فإن المطلوب من الخارجية السودانية عدم التنازل عن حق مشاركة المسؤولين السودانيين في الاجتماعات الأممية.. وإما أن تمتنع أمريكا وتخالف مرة أخرى بنود اتفاقية المقر أو خيار ثالث مستبعد هو أن تصدر التأشيرة وتقوم بالتعرض للرئيس البشير دون حق قانوني لأنها ليست عضواً في اتفاق روما ولا تملك سنداً قانونياً بتنفيذ أوامر الإستدعاء التي تصدرها هذه المحكمة.
قبل اسبوعين من الآن تفاجأ العالم حينما استطاع الرئيس عمر البشير وفى تحدى واضح غير معترف بمخرجات ما يسمى (المحكمة الجنائية الدولية ) بزيارة جمهورية اوغندا الصديقة من اجل تقديم التهنئة وحضور مراسم تنصيب الرئيس يورى موسفينى لدورة رئاسية جديدة .
فتلك الزيارة جاءت بمثابة تحد آخر لأمر الاعتقال الصادر من الجنائية دولية بسبب اتهامات تتعلق بإبادة جماعية فى دارفور التى استقبلت ولاياتها الخمس زيارة البشير فى ابريل الماضى ثم تواضعت على استفتاء جرى واختارت شكل حكمها المحلى ليكون كما هو كائن (ولايات) كما تعتبر الزيارة كسر اخر شوكة من اشواك (الجنائية ) التى تعتقد ان الصديقة اوغندا يمكنها ان تعتقل البشير كما ظنت لما زار الرئيس البشير جمهورية جنوب افريقيا وقالت الصديقة جنوب افريقيا (من جاء من الزعماء الافارقة ضيفا علينا سيقى امنا حتى يعود الى وطنه ولانعترف بالجنائية )
وفشلت منظمة العفو الدولية حينما طلبت من أوغندا اعتقال البشير فورا وتسليمه للمحكمة, وقال موثوني وانيكي المدير الإقليمي للمنظمة في شرق أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي والبحيرات العظمى “أوغندا ملزمة التزاما مطلقا باعتبارها من الدول الموقعة على بيان روما الأساسي بتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية.” ولكن اوغندا لم تفعل بل اعلن وزير الدولة للعلاقات الدولية في أوغندا أوكيلو أوريم ، أن بلاده لايمكنها توقيف الرئيس البشير. وأضاف “نحن لا ندعو الرئيس البشير ليتم القبض عليه، في الواقع نحن نذهب لرؤيته يغادر بسلام “. , وهنا انكسرت شوكة (الجنائية ) الاخيرة .
وقطعا فإن الادارة الأمريكية ستجد حرجا اعلامية وسياسيا في طلب السودان إصدار تأشيرة لرئيسه البشير هو أمر محرج جداً لها
فلو امتنعت واشنطون عن إصدار تأشيرة الدخول للبشير فستكون قد خالفت المواثيق الدولية للمرة الثانية في حالة الرئيس وحده، ولو أصدرت التأشيرة فإنها ستبصق على موقفها أو موقف المسؤولين الأمريكيين الذين كانوا قد انسحبوا بحماقة غير مدروسة من احتفال تنصيب موسيفيني..
عموما فإن مواجهة رئيس الجمهورية عمر البشير للمحكمة الجنائية الدولية لن يقرأها التاريخ بهذه البساطة التي يتعامل بها البعض حين يحصرون آثار هذه المواجهة في بعض الأغبرة وخدوش الحرج الطفيفة على جدار سيادة الدولة واسمها وتلك الآثار الجانبية التي تنتج عن تلك المواجهة ولا يتعمقون في القيمة الحقيقية لها.. فقيمة هذه المواجهة أكبر وأهميتها التصحيحية التأريخية لنظرة الغرب للقارة الأفريقية ستكون كبيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق