الاثنين، 23 مايو 2016

حركة جبريل ومدى قابليتها للسلام!

حركة العدل والمساواة التي يقودها جبريل إبراهيم تعلن عن رغبتها في العملية السلمية والتفاوض، وفي الوقت نفسه تمارس عملها المعتاد في العمل لصالح أطراف متحاربة في دول الجوار مقابل المال! ففي الوقت الذي أبدى فيه جبريل إبراهيم ومني ميناوي رغبتهما في التفاوض مع الحكومة السودانية فإن أنباء صادرة عن قادة عسكريين بجيش دولة جنوب السودان قالت إن حركة جبريل عاونتهم عسكرياً للإستيلاء على منطقة (ديم الزبير) بولاية غرب بحر الغزال.
 أن حركة جبريل كان لها دوراً فاعلاً في استعادة المنطقة واستردادها لتصبح تحت سيطرة الحكومة الجنوبية. رغبة حركة جبريل في التفاوض، وخوضها لمعركة ديم الزبير يكشفان عن تناقض مريع للغاية لا يستشف منه أن حركة جبريل حركة يمكن الوثوق بها حتى ولو جاءت إلى مائدة التفاوض وهي في كامل استسلامها للحكومة السودانية.
 والواقع أن هذه الأزمة التي باتت بالفعل تشكّل أزمة للأمن والسلم الإفريقي من جهة والأمن والسلم الدوليين من جهة أخرى، هي ليست أزمة خاصة بإقليم دارفور بقدر ما هي أزمة تخص حركات مسلحة استهوتها الحروب والمنازعات الأهلية في دول الجوار وباتت تشكّل عنصراً سالباً في الأمن الإقليمي والدولي.
ومع أن حكومة دولة جنوب السودان التي اشتهرت منذ ميلادها بعدم احترام تعهداتها وسوء إدراكها لأمن الإقليم والمنطقة، أكدت مؤخراً عقب إنفاذ اتفاقية السلام فيما بين الفرقاء الجنوبيين أنها لن تدع الحركات السودانية المسلحة تمارس أي أنشطة لها على الأراضي الجنوبية، إلاّ أن المدهش - أنها وفي ظل عملية السلام الجنوبية الحديثة- مارست جوبا ذات ممارستها القديمة، باستعانة جيشها بحركة جبريل من أجل طرد المتمردين من منطقة (ديم الزبير)ببحر الغزال!
 والأكثر اندهاشاً في الأمر أن المجتمع الدولي الراغب في إنهاء الصراع الجنوبي الجنوبي وظل لسنوات يسعى لإنهائه، يري ويسمع كيف تعترف الحكومة الجنوبية وتستخدم مرتزقة في حسم معارك داخلية ينبغي أن يقوم بها الجيش الحكومي وحده. حركة جبريل بهذا المسلك غير السوي يصعب استيعابها ضمن عملية سلمية في السودان طالما أنها تعمل في ميادين قتال خارجية في دولة الجنوب وفي ليبيا وأدمنت العمل الحربي لصالح الطرف الذي يدفع لها المال! وهو أمر يستدعي أن يتم تصنيف هذه الحركة ومثيلاتها باعتبارها حركات إرهابية لا تختلف عن حركة بوكو حرام أو داعش أو القاعدة أو غيرها من الحركات التي تحارب الكل وتزعزع استقرار الدول ومناطق العالم بأهداف تخصّها.
 وبالنسبة للسودان فإن حركة جبريل تم إخراجها من ميدان القتال في دارفور عبر عدة هزائم ماحقة آخرها هزيمة (قوز دنقو) في أبريل المنصرم والتي قصمت ظهرها تماماً ولذا فمن غير المقبول أن يسعى المجتمع الدولي للضغط لأفراد منبر إقليمي للتفاوض مع حركات كهذه إذ من يضمن أن يتم توقيع اتفاق سلام معها اليوم ثم يتم اكتشاف قيامها بأنشطة عسكرية في دولة مجاورة في الغد؟ إ
ن مجلس الأمن الدولي إذا كان مهموماً بحق الأمن والسلم الدوليين، فمن الأفضل أن يبدأ في التفكير في الطريقة التي يتعامل بها مع هذه الحركات الهائمة على وجهها والتي لا تستطيع العيش إلا في خضم من أنهار الدماء وغابات الأشلاء ودوي القنابل.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق