الأحد، 29 مايو 2016

الوجه الحقيقي للعمل السياسي في السودان !!

سيكون أمراً مستغرباً وعصّياً على التصديق خاصة على أولئك الذين يهاجمون السودان باستمرار وينعتونه بشتى النعوت المتصلة بانعدام الحريات والممارسة الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان أن يدركوا أو يتصّوروا مجرد تصّور أن الجامعات السودانية تعج بتنظيمات سياسية طلابية تناصر علناً حركات مسلحة تقاتل الحكومة السودانية على أطراف البلاد منذ عشرات السنين!
 ليس ذلك فحسب بل أن هذه التنظيمات السياسية الطلابية تقيم ندوات وأركان نقاش ويخاطبها في العادة أحد قادة هذه الحركات المسلحة في عمق عقر دار الجامعة حيث الدرس والتحصيل! من المؤكد وعلى نحو قاطع أن هذه الممارسة لا تحدث إلا في السودان ولكي لا نكون مغالين فأن الحكومة البريطانية -صاحبة ديمقراطية ويستمنستر- وعلى أيام صراعها المحموم مع الجيش الجمهوري الايرلندي، لم تكن تسمح -رغم ديمقراطيتها العتيقة- بأي نشاط سياسي أو مجرد إظهار تأثير للجيش الجمهوري!
 هذه حقيقة لا حاجة للمحاججة حولها، أما في السودان المتهم الآن بأبشع اتهامات غياب الديمقراطية وانتهاك الحقوق المدنية فإن العمل المسلح ومع كونه عملاً مخالفاً للقانون، يجد إسناداً سياسياً حراً داخل أسوار الجامعات المخصصة أصلاً للتحصيل الأكاديمي والأنشطة الثقافية والإجتماعية .
الأكثر سوءاً من كل ذلك أن الذين يمارسون أنشطة سياسية مساندة للحركات المسلحة لا يتروعون في تهريب الأسلحة -بيضاء كانت أو نارية- إلى داخل أسوار الجامعة لاستخدامها ضد مناوئيهم! وهو ما ظل يتسّبب في أعمال عنف جامعية عادة ما يسقط جراءها ضحايا من الطلاب وتضطر إدارة الجامعة -لدواعي أمنية- لإغلاق الجامعة الأمر الذي تتعطل معه مسيرة التحصيل الأكاديمي لأسابيع وأشهر. وليس مهّماً هنا أن نستشف من هذه الحقيقة المعلومة للقاصي و الداني في السودان اتساع الماعون الديمقراطي والحريات في السودان. لسنا معنيّين بذلك، ولكن بالمقابل كيف يمكن إتهام بلد كالسودان فيه مئات الأحزاب السياسية ويمارس النشاط السياسي علناً وتجد الحركات المسلحة لها تنظيمات إسنادية بأنه بلد ليست به ديمقراطية؟
 كما أن السؤال الأكثر أهمية من ذلك، كيف يمكن القول أن الحركات السودانية المسلحة لديها وزن سياسي أو جماهيري، وهي تتلقى هزائم عسكرية متتالية، ولم تستطيع رغم وجود إسناد طلابي داخلي لها أن تحقق أي اختراق من أي نوع؟ وكيف يمكن بناء دولة في ظل وجود حركات مسلحة ذات طبيعة جهوية تحاول الاعتداء على الجيش القومي والقوات النظامية القومية؟
 في كل الدنيا هنالك مؤسسات ذات طبيعة قومية ليس من العقل في شيء المساس بها. الحركات السودانية المسلحة تحاول أن تعبث بأمن البلاد الداخلي -داخل أحشاء شريحة الطلاب- والمجتمع الدولي مع كل ذلك ما يزال يوجّه اتهاماته النمطية الثابتة إلى الحكومة السودانية.
القوى الدولية الكبرى تدّعي أنها تلاحق الإرهابيّين والمجرمين وتعقد مؤتمرات لذلك وتطلب من السودان نفسه أن يتعاون معها في هذا الصدد، ومع ذلك تغض النظر عما تقوم به الحركات المسلحة في السودان في الجامعات السودانية في عمق العاصمة الخرطوم وتخوض الحروب (بالأجر) في دول الجوار! لا شك أنها مفارقة ومعيار مزدوج واضح فالإرهاب إنما تمارسه الحركات المسلحة الرافضة للتفاوض ولا يمكن أن تترك هذه الحركات ويتم إلصاق التهم بالحكومات! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق