الأحد، 22 مايو 2016

القرار 2256 نبيذ قديم في قناني جديدة!

ربما كانت القوى السودانية المعارضة المغلوبة على أمرها أو جماعات الضغط المنتشرة في الولايات المتحدة و أوروبا تدرك في قرارة نفسها أن القرار 2256 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في فبراير الماضي، قبل حوالي ثلاثة اشهر من الآن محض قرار روتيني لن يضيف شيئاً إلى قرارات المجلس السابقة التى تعدت الـ22 قراراً على مدى أكثر من 5 سنوات . ومع ذلك فهي احتفت بالقرار والغريب أنها احتفت بالقرار بعد كل هذه المدة وكأنه قرار سحري بإمكانه قلب الأوضاع في إقليم دارفور لصالح الحركات المسلحة التى ما تزال تلعق جراح هزائمها الشديدة المرارة وتتأمل حالها المزري الذي وصلت اليه بعد طول عناد وممانعة رفضت خلالها كل دعوات التفاوض والحوار في وقت كان ميزانها العسكري أفضل من وضعها الراهن.
 الحركات المسلحة لم يضف لها القرار جديداً لأنها تعلم انه (مجرد قرار دولي) سبقته عشرات القرارات التى عادة ما يقال -لأغراض التحلية وإثقال الوزن- أنها مبنية على حيثيات الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية وهي عبارة و لفرط استخدامها لم تزد عن كونها عبارة إخافة تعطي انطباعاً لذوي القلوب الضعيفة أن الاساطيل الضخمة والبارجات يجري تسخينها لتمخر عباب المحيط وتجتاح السودان بأسره!
القرار 2256 يبدأ وينتهي بتجديد أجل الخبراء الدوليين الذين أوكلت لهم مهمة متابعة التزام اطراف الصراع في الاقليم بحظر السلاح. بمعنى أوضح فإن مجلس الأمن الدولي الذي قرر في وقت سابق حظر استخدام السلاح من قبل اطراف الصراع في الاقليم لم يفعل أكثر من أنه قام بتجديد مهمة خبراء المراقبة. ولا شك ان هذه الخطوة نمطية وعادية ولم تأت بجديد ويمكن فقط أن نزعم ان الجديد -المتوقع- من هذه الخطوة إيجاد نوع من الاسناد (المعنوي) للحركات المسلحة و إشعارها ان القوى الدولية تحاول إنقاذها من ضربات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتلاحقة، بعد ان عانت هذه الحركات المسلحة الأمرّين جراء هذه الضربات التاريخية الموجعة.
و من المؤكد ان ترك الحكومة السودانية تحسم الصراع في الاقليم لصالحها، يفرغ الازمة في دارفور في نظر هذه القوى الدولية من مضمونها الذي تريده ، إذ ان مجرد غياب الوجود الفعلي لهذه الحركات المسلحة في اقليم دارفور و إحكام الحكومة سيطرتها على الاقليم، و عودة النازحين إلى قراهم ومدنهم وبداية وضع إستراتيجية خروج لقوات حفظ السلام معناه ان الازمة قد انتهت، وهذا الأمر يضيع على قوى دولية عددية مصالح مهمة قضت سنوات تعمل على بناءها وترسيخها في الاقليم وفي المنطقة.
 ولهذا فإن وزير الخارجية السوداني البروفسير غندر وضع توصيفاً موضوعياً جيداً للأمر في حديث أدلي به لوكالة (آكي) الايطالية مطلع الاسبوع الماضي حين قال إن القرار المذكور ليس سوى قرار روتيني لا ينطوي على أي مخاطر. غندور قال ان القرار عمره 11 عاماً، تم اتخاذه للمرة الأولى في العام 2005 ثم ظل يتجدد من حين لآخر بوتيرة ثابتة. إذن خلاصة الأمر ان القرار 2256 ليس سوى ترجمة للمقولة الغريبة الرائجة (نبيذ قديم في قناني جديدة).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق