الأحد، 22 مايو 2016

عرمان .. كراهية ( الإسلاميين) تعمي بصيرة الرجل

في حوار له قال الأمين العام لقطاع الشمال – الحركة الشعبية ياسر عرمان وفي رده على سؤال عن إمكانية الوصول إلى سلام دائم ينهي الحرب في ربوع السودان؟ قال: نعم يمكن ذلك وسيجنب بلادنا شروراً كثيرة والوصول إلى إنهاء الحرب عبر بوابة الحل الشامل من مصلحة السودان ومن مصلحة قوى المعارضة ومن مصلحة المؤتمر الوطني نفسه وهو أفضل الخيارات ويخطئ المؤتمر الوطني إذا أوصد هذا الباب فالحركة الإسلامية هي صاحبة المصلحة الأولى في الانتقال السلمي والمصالحة القائمة على إحقاق الحق وفق ترتيبات انتقالية حقيقية مَرضِي عنها من شعب السودان وعلى رأسها إنهاء الحرب).
المتأمل لحديث المتمرد عرمان أعلاه يجده لا زال يتحدث بلغته العدوانية ضد الإسلاميين وهذا ما يدلل على أن الاستثناءات التي يقدمها عرمان في التعامل الإيجابي مع بعض التيارات والقيادات الإسلامية مجرد تكتيكات مؤقتة للغاية وأن الموقف الأصلي هو استئصال الطرح الإسلامي جملة وتفصيلاً واختزال مشكلات السودان فيه وهذا ما يشكك في مقدرة ياسر على أن يكون طرفاً في إبرام صفقة وطنية سياسية تشبه "التجربة التونسية".
وقريباً من ذلك قال عرمان إن هناك مجهودات تجري لتقريب الشقة بين الطرفين، مشددا على أن «القفز إلى تشكيل اللجان من دون اتفاق إطار دقيق نعمل به لن يساعدنا في التوصل إلى اتفاقيات صحيحة. وهذه هي المعضلة التي تواجه المفاوضات»، مؤكدا: «نحن لا نرفض الاتفاق، ولكن نرفض أي اتفاق ثنائي لا يؤدي إلى حلول شاملة. ولقد جئنا برسائل من الجبهة الثورية وسلمتها إلى مبيكي وللاتحاد الأفريقي ورئيس الوزراء الإثيوبي والاتحاد الأوروبي والمبعوث الأميركي».وشدد عرمان على أن أي مؤتمر قومي يعقد من دون حل قضية الحرب لا معنى له، قائلا: «لذلك نحن نسعى لإخراج بلادنا من الحرب ومن الشمولية، وأن نمضي إلى حلول شاملة. هذا ما نبحث عنه، والحكومة تريد أن تحصر النقاش حول المنطقتين»، مشيرا إلى أن الحكومة تقوم بدعاية مكثفة ضد الوفد ورئاسته ومواقف الحركة الشعبية، مضيفا أن «الحكومة لديها آلة إعلامية ضخمة للتشويه، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح».
مواقف الشيوعي عرمان المتصلبة تعزز أحد اتهامين دائماً ما يثاران في مواجهته الأول هو ارتهان إرادته لدوائر تختار استئصال الطرح الإسلامي وليس التعايش
معه. والثاني هو تأثر الرجل بمجموعات الناشطين واليساريين والمتساقطين من الحزب الشيوعي التي تناصره سياسياً وإعلامياً وتنتقده في أي بادرة للتعامل بإيجابية أو حتى بواقعية مع أي تيار إسلامي ولو كان خارج السلطة. وطالما أن ياسر أسير وحبيس لهذه الدوائر أو تلك المجموعات فإنه حديثه عن تحرير السودان لا قيمة له إذ إن فاقد الشيء لا يعطيه.
والشواهد تشير إلى أن الحركة الشعبية لم تقدم مشروعاً سياسياً جديداً للسودان بعد انفصال الجنوب ولم تقم بشيءٍ سوى حذف مفردة (قطاع) لتكتفي بمسمى (الحركة الشعبية – الشمال). السودان وجنوب السودان الآن دولتان مستقلتان تتشابهان في بعض المشكلات وتختلفان في بعضها. ومشروع السودان الجديد كان مصمماً للسودان الكبير ويحمل تصوراً محدداً لتوحيده. فشل المشروع في توحيد السودان ولم يتطور قطاع الشمال ليطرح مشروعاً وطنياً جديداً. باستثناء فكرة "الاتحاد السوداني" التي يطرحها الأمين العام للقطاع ياسر عرمان بوصفه مثقف وسياسي سوداني ويتفادى نسبتها لقطاع الشمال. ولا بد من التنبيه هنا، وهو أن الكفاية بالإطار الفكري النظري لمشروع السودان الجديد (الذي بات مشروعاً قديماً) وترديد عمومياته لا يعتبر طرحاً جديدًا.
عموماً فإن ياسر عرمان وبقية قادة قطاع الشمال لا يعيشون حالياً في العام 2016 إنما في 2010 قبل إنطلاق حملة التصويت للانفصال بقيادة سدنة وزعماء مشروع السودان الجديد أنفسهم وقبل انفصال الجنوب واندلاع الصراعات الإثنية فيه. فالرجل يعيش على تاريخ مضى وسلف ولا يرغب في التعامل مع الواقع الجديد بطرح جديد ومواقف سياسية جديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق