الخميس، 25 أبريل 2019

بطولات ثورية مصطنعة.. على محمود حسنين نموذجاً!

في مؤتمر صحفي عقده بداره عقب عودته مؤخراً قادماً من لندن قال القيادي بالحزب الاتحادي رئيس الجبهة الوطنية على محمود حسنين إنه يطالب المجلس العسكري الانتقالي بتسليم السلطة للمعتصمين وليس لقوة سياسية اخرى.
وعرّج حسنين الذى بدت خطوط السنوات وتصاريف الايام بادية على ملامح وتقاطعات وجهه على اسباب خروجه من السودان وبقائه لنحو عقد و نيف خارج السودان حيث أرجعها الى ان الرئيس جهاز الامن السوداني السابق محمد عطا أبلغه بأن الرئيس السابق عمر البشير أمر بتصفيته جسدياً!
ولا شك ان الذين حضروا المؤتمر الصحفي المثير للدهشة وهم قلة من الاخوة الصحفيين استوقفتهم إفادات الرجل كثيراً جدا، إذ أنه وبعد كل هذا الغياب الطويل والسنوات المتعاقبة لم يأت بجديد على صعيد الخبرة والحنكة السياسية و الاستفادة من عبر وعظات التاريخ.
ولا شك أيضا ان مقولات الاستاذ حسنين التى اطلقها فى مناخ الحريات الذى هو سائد الآن لا يمكن اعتبارها مجرد طق حنك، فهو يتحدث بحرية وبمحض إرادته ومن ثم فإن ما يقوله يؤخذ عليه.
وبالطبع لا نود فى هذه العجالة ان نحيط بكل ما قاله ولكننا لدواعي التحليل والتمحيص نقف مجبرين عند أمرين مما قال: الأمر الاول مطالبته للمجلس العسكري بتسليم السلطة للمعتصمين. هذه الافادة تتضمن عدة مؤشرات سالبة فى حق الرجل الذى يفترض انه نال خبرة سياسية طويلة ودربة واحاطة كاملة بالممارسة السياسية، فمن جانب فان المعتصمين ليس لديهم تنظيم أو وعاء سياسي معين حتى يقال انهم يمثلون تياراً سياسياً يتم التفاوض معه وتسليمه السلطة.
ومن جهة ثانية فانه وحتى لو افترضنا جدلاً إمكانية تسليمهم السلطة فأين هي الخبرة السياسية والدراية التى تتيح تسليم شباب معتصمين سلطة ادارة دولة! ومن جهة ثالثة وهي الأهم و الاخطر فان هذه المطالبة نفسها عبرت عن يأس من الاحزاب والقوى السياسية أدركها مؤخراً على محمود حسنين، حيث بدا له ان القوى الحزبية السودانية جميعها وبغير استثناء -بما فى ذلك حزبه الذى ينتمي اليه وجبهته الوطنية العريضة- لم يعودوا يستحقون الثقة فى ممارسة العمل السياسي وهو تطور لافت فى فكرة الرجل التسعيني الذى خرج من السودان وظل يجمع التبرعات لتكوين جبهة وطنية عريضة للاطاحة بالنظام وقضى من اجل ذلك اكثر من 10 أعوام ثم عاد ليجد الشباب هم الذين قادوا التغيير!
الامر الثاني وهو المتعلق بأساس خروجه من السودان حيث اشار الى ان سبب خروجه هو الأمر الى اصدره الرئيس السابق البشير بتفصيته جسدياً! والواقع ان السيد حسنين فى هذه النقطة بالذات قلل من قيمته كسياسي وقيادي فى حزب عريق وقيمته كقانوني ذا باع طويل فى مضماره!
 فمن جهة كونه سياسي فان الممارسة السياسية فى السودان منذ الأزل وحتى الآن لا تعرف التصفية الجسدية وافضل ميزة يمتاز بها الادب السياسي السوداني هو إنعدام هذه الممارسة تماما مهما كانت درجة الخصومة، والاكثر اسفاً ان الرجل أقر بأنه خرج مخافة من التصفية بدلاً من ان يتحلى بالشجاعة الكافية ويمارس السياسة داخل بلاده غير عابئ بالموت!
لقد أثبت انه سياسي شديد الخوف على روحه ونفسه. اما من ناحية كونه قانونياً فإن المنطق السديد يرفض قبول فرضية ان مدير جهاز الامن تلقى اوامر بتصفية سياسي من الرئيس وذهب هذا المدير وابلغ حسنين المراد تصفيته، ليتمكن هو من الهرب! كيف لرجل قانون ان يورد قصة مضحكة مبكية كهذه؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق