الخميس، 25 أبريل 2019

ثورة الشائعات


٭على أرض الواقع تغيير هائل حدث في المسرح السوداني .. تاريخ جديد يُكتب لأهل السودان .. إبعاد (البشير) بعد ثلاثين عاماً في السُلطة .. ثورة سودانية مختلطة من كل السودانيين، مختلفة الشكل واللون أنهت حُكم المشير.
٭لكن بالتزامن مع الهبَّة الوطنية، قامت ثورة أخرى (إسفيرية) حامية الوطيس .. اختلط فيها الحابل بالنابل .. وتداخل فيها العام مع الخاص .. هي ليست سلمية كما ثورة الشارع .. وليست وطنية كما أهل السودان .. فيها كل الألوان.
٭ الثورة الإسفيرية وقودها (الشائعات) و(التصفيات) .. قطعاً ليس كل ما يرد في منصات التواصل الاجتماعي (خزعبلات) و(توهمات) .. لكن وجودنا في الوسط الصحفي يمكننا أن نقول: إن كثيراً مما يرد لا يمت للحقيقة بصلة .. هناك تضخيم للمعلومات الصحيحة .. وتشويه لمعلومات مؤكدة أما بالبتر أو تلوين الحقائق.. أو بخلط معلومات قديمة مع جديدة.
٭ ليس من سوق رائج للشائعات مثل هذه الأيام .. حالة السيولة تجعل كل شيء ممكناً وقابلاً للتصديق .. واستحالة تكذيب ما يتم إيراده .. مع حالة الهياج البائنة (فرحة بسقوط الإنقاذ أو مسارعة في إزالتها من الخارطة السياسية وربما المجتمعية أو تخوف من قيام الإنقاذ من تحت الركام) أو سمها ما شئت .
٭ مع هذه الحالة غير واضحة المعالم .. يبقى التمييز بين (الصدق) و(الكذب) عصياً .. وبين (التلفيق) و(التلتيق) أكثر صعوبة .. تتشابه الأحداث بشكل كبير .. وتختلط (المعلومات) بـ(الشائعات) .. مما يُصَعِّب مهمة (المراجعات) و(القراءات) الدقيقة للواقع الماثل .
٭الكثيرون لديهم القابلية لتصديق كل شيء .. والحصيفون يريدون أن يفهموا كل شيء .. ونأمل أن نكون من الأخيرين .. لنعرف إلى أين تسير الأمور .. طرح كل شخص هذا السؤال الحيوي على نفسه أمر مهم للغاية.. لا سيما في هذا التوقيت.
٭ ما حدث في أبريل الجاري بالسودان هو ميلاد سودان جديد .. يجب أن لا تضيع ثورة (التغيير) بالانحراف إلى (التدمير) .. لا أعني الانزلاق إلى الفوضى .. ولكن الحرب الإسفيرية المضللة والتي قد تلهي أهل السودان من الحلم المنشود للجميع .. وهو وطن آمن مستقر يعيش الجميع في سلام ورخاء.
٭ الذي يفصل ويضع حداً للثورة الإسفيرية .. هو القانون .. بسط العدل وإقامة دولة القانون .. تعطي كل ذي حق حقه .. وتثبت لكل شخص حقوقه .. له ما عليه وما للطرف الآخر .. يقيني لن يضيع حق عام أو خاص .. ولو تم إخفاء كل الحقائق .. لن يعلو الظلم على العدل ولن يعلو الكذب على الحقيقة.
٭ معركة اندلعت أدت للتغيير الكبير الذي حدث .. لكن لم تنقشع سحابتها حتى الآن .. ولا يزال غبارها يغطي المكان.. بعد ذهاب الغبار ستتكشف الحقائق .. مؤكد ستظهر دون زيف .. الأقنعة ستسقط .. ومساحيق التجميل ستزال من على الوجوه .. شمس الحقيقة ستشرق .. لن يكون هناك متسع لـ(التضليل)، أو فرصة لـ(التهويل) ..
٭ لننتظر تلك اللحظات ولكن تكون بعيدة بكل حال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق