الخميس، 25 أبريل 2019

ما وراء التحرُّكات الإقليمية والدولية..؟

دُون وعي أو بوعي تامٍ، يُراد نقل الأزمة الداخلية السودانية بكل تداعياتها ومُضاعفاتها إلى الخارج، وتدويل الخلافات بين المجلس العسكري الانتقالي وزُمرة الأحزاب والتنظيمات والنشطاء السياسيين، وخُطُورة مثل هذه المساعي أنّها سترهن إرادة البلاد للخارج وتحشر أنوف القُوى الأجنبية في شأنٍ محلي يُمكن احتواؤه وحلّه دُون الحاجة إلى عاملٍ من خارج الحُدود، وربما تفقد القوى ومُكوِّنات العمل السياسي السودانية قُدرتها على تأسيس مواقف مُستقلة ووطنية إذا اختارت هذا الطريق مُستنصرةً الخارج ولم تعبأ بأهمية حصر الخلافات داخل البيت الوطني ومُعالجتها بالحكمة والتعقُّل المطلوب..
يتحمّل أهل الاعتصام من أحزاب وتكوينات تحالف الحُرية والتغيير، الوزر الأكبر والعمل الذي لا يخلو من طيشٍ سياسي، الخطأ الفادح في جعل القوى الدولية تتجاسر وتدس أصابعها الخبيثة في أزمتنا الراهنة واستمرار تدخلها غير الحميد، فقد أُتيحت الفُرصة للسفارات وأجهزة المخابرات لتعبث في قضايانا ولَم تزل تُمارس ذات الدَّور، وتدعو بعض أطراف القضية السودانية جهرةً، المنظمات الدولية ودولاً بعينها للضغط على الخرطوم وخَاصّةً المجلس العسكري ليُقدِّم تنازُلات تخدم مصالح الأحزاب والقوى السياسية التي تدعم الاعتصام الحالي، والشواهد كَثيرةٌ ومُثيرةٌ ومُحزنةٌ للغاية، وهناك قادة أحزاب يتواصلون بشكلٍ يومي ومُستمرٍ مع السفراء الأجانب ومندوبي المُخابرات، ويزور رجال السلك الدبلوماسي في استفزازٍ واضحٍ مكان الاعتصام ويُحرِّضون المُعتصمين على البقاء والاستمرار في الاعتصام..
في ذات الوقت، نشطت المُنظمات الدولية والدول في جوارنا العربي والأفريقي للاستثمار في الوضع الخاص ببلادنا، وهو عَملٌ قد نستفيد منه وقد لا نجني منه شيئاً كثيراً في الوقت الراهن من التحرُّكات والاتّصالات والقمم، إلا ما يدفع بالتهدئة المُؤقّتة والتقاط الأنفاس وتأجيل معركة ضروس كانت طلائعها تلوح في الأفق، لكن كل طرف إقليمي ودولي يُحاول الاستثمار في الأزمة السودانية والتربح منها..
فلماذا إذن نعطي الذرائع والمُبرّرات لهذه التدخُّلات السافرة؟ أليس ذلك هو دليل عجز العقل السِّياسي السُّوداني في علاج أزماته وعدم قُدرته على توليد الحلول لأوضاعه؟
فمن الطبيعي أن تكون هناك تفاعلات إقليميّة ودوليّة بما يدور محلياً عندنا، لكن تجاوُز هذه التفاعلات للحدود والدخول مُباشرةً لإعادة تركيب وتوجيه المسارات والاختيارات السياسية التي ترسم ملامح المرحلة والمُستقبل في بلادنا، هو أمرٌ غير مقبولٍ على الإطلاق، وينبغي على كل الفاعلين سياسياً وقيادات ما يجري اليوم، أن يكون ولاؤهم لوطنهم وحرصهم على مصالحه العُليا وكرامته وكبريائه، وعلينا أن نمنع الأيدي التي تمد الأجنبي وتُساعده في اختراق مُجتمعنا والتأثير على سير الحياة السياسية، قبل أن تقع الفأس في الرأس ونندم ندامة الكسعى لما أسفر الصباح..
كل هذه التحرُّكات والتدخُّلات الإقليمية والدولية لا علاقة لها البتّة بصالح الشعب السوداني ولا منفعة بلادنا، فهي تحرُّكات لتنفيذ استراتيجيات موضوعة وخُطط وبرامج لإعادة صياغة بلادنا كما يُريدون، ولصناعة تيار مُوالٍ للخارج. ومنتقدٍ وعميلٍ، والليالي حبالى يلدن كل جديدٍ..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق