الثلاثاء، 23 أبريل 2019

السودان يحتاج إلى الحكماء وليس الحماس السياسي

ما يحدث في السودان هذه الأيام يحتاج إلى قراءة متأنية.. ذلك أن (المجلس العسكري) المؤقت اتخذ قرارات حازمة كثيرة تنسجم مع مطالب الجماهير وقوى التغيير والمنظمات التي تقود المظاهرات في الشوارع، لكن ما يمكن ملاحظته أيضا أن (قوى التغيير) ترفع سقف مطالبها في كل مرة يستجيب (المجلس العسكري) المؤقت لمطالبها!
ففي البداية طالب المتظاهرون بانحياز الجيش السوداني إلى جانب الجماهير ضد حكومة (عمر البشير)، ثم طالبوا بإسقاط الرئيس «البشير» ذاته وليس الحكومة فقط، وحين تحققت لقوى التغيير مطالبهم بذلك، وتم تشكيل مجلس عسكري مؤقت لتحقيق مطالبهم، صاروا يطالبونه بإلغاء (المجلس العسكري) واستبداله بحكومة مدنية تقود المرحلة الانتقالية لإجراء انتخابات نيابية ورئاسية جديدة.
لكن السؤال: من الذي لديه (الصلاحية) لتشكيل الحكومة المدنية المؤقتة؟ هل هم قادة (قوى التغيير) وتجمع المهنيين المعارض؟ أم المعارضة المقيمة في الخارج؟ أم الأحزاب المسلحة في (دارفور)؟ أم الأحزاب السياسية التقليدية في السودان؟ وحتى لو اجتمع رأي هؤلاء جميعا على تشكيل (حكومة مدنية مؤقتة) فهل من المعقول فرضها بالقوة على (المجلس العسكري) المؤقت بعد أن أنجز لهم كثيرا من المطالب، ومهد لهم الطريق لتحقيق الانتصار في الشارع؟
المجلس العسكري قال إنه سوف يتشاور مع (المعارضة) لتشكيل الحكومة المؤقتة، وهذا هو الرأي السليم لخروج السودان من عنق الزجاجة والفراغ السياسي.. لكن أن تتحرك (المعارضة) لتنفرد وحدها بتشكيل الحكومة فهذا ابتزاز سياسي سوف يقود السودان إلى حمام دم لا تُحمد عقباه.
الوضع في السودان يحتاج إلى العقل والعقلانية وليس إلى التطرف من قبل المعارضة وتصعيد المطالب السياسية، ويحتاج السودان إلى (حكماء) يأخذون بالكلمة السديدة والرأي الراجح، ويوجد في المجتمع السياسي السوداني الكثير من هؤلاء الحكماء.. فقط احذروا من الدخول في النفق السوري أو الليبي، لأن انفلات الوضع الأمني يكون عادة هو بداية الجحيم والكوارث والحروب والقتل والتشريد والجوع والفقر والمرض.. أبعد الله عن إخواننا في السودان هذا المصير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق